الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
الإرهاب وتعذيب الشعوب في السيرة الذاتية الأميركية | رجوع
ألقى وزير الخارجية الاميركي خطابا أمام مؤسسة التراث المعادية للعرب والمسلمين أعلن فيه عن مبادرة تحت عنوان 'مبادرة الشراكة لتعزيز الديموقراطية في العالم العربي والإسلامي'ِ كما ألقى ريتشارد هاس مدير التخطيط بوزارة الخارجية محاضرة، أمام منظمة 'ايباك' الناطقة باسم اسرائيل في اميركا تحت عنوان 'نحو مزيد من الديموقراطية في العالم الاسلامي'ِ وموضوع المحاضرتين ظاهره الرحمة أما باطنه ففيه العذابِ انه يخفي أهداف أميركا الرامية للتدخل في المنطقة لاحتلالها والسيطرة عليها، لنهب ثرواتها واستعباد شعوبها وتغير دينهم وأخلاقهمِ وراء ستار من العبارات النبيلة، مثل: العناية بالتنمية السياسية والاقتصادية واصلاح التعليمِ ويستدل من تاريخ اميركا انها لا تهتم إلا بتحقيق أطماعها، فإذا تعارضت الديموقراطية مع أطماع المستثمرين، فلن تتردد أميركا في اغتيال الديموقراطية وتدميرها، ولا مانع ان يحل محلها حكام القتل والتعذيب، فالتزام اميركا الحقيقي حماية أطماع المستثمرينِِ وسنذكر بعض النماذج من التاريخ الأميركي التي تؤكد ذلك: 
في 1970 فاز سلفادور الليندي في انتخابات الرئاسة في تشيليِ وكان الليندي شابا ماركسيا مثقفا، يؤمن بالعدالة الاجتماعية، لاسيما العدالة في توزيع الدخل والعناية بالطبقة الفقيرةِ ولكنه لم يكن متطرفا، بل يؤمن بتحقيق أهدافه عن طريق الاقناع والديموقراطيةِ ولما فشل في انتخابات 1965 نتيجة للتدخل الاميركي لم ييأس بل ذهب للجماهير لإقناعهم ببرامجه الاصلاحيةِ فلما فاز عام 1970 بدأت محاولات أميركا لتدمير الديموقراطية في تشيلي، فقدمت 250 مليون دولار للملحق العسكري الاميركي في تشيلي 'بول ويميرت'، لتقديمها الى ا لعسكريين الذين يمكن الاعتماد عليهم في التخلص من الضباط الذين يعارضون تدخل الجيش في السياسةِ لاسيما قائد الجيش رينيه شنايدر الذي يؤيد الحكم الديموقراطي ولم يتعاون مع المخابرات الاميركية لمنع فوز الليندي فتم اغتياله في اكتوبر 1970ِ ثم أعدت انقلابا دمويا أطاح بحكومة الليندي الشرعية (1973)، وأقامت نظاما قمعيا برئاسة الدكتاتور اوجينو بينوشيه، الذي قام بمباركة اميركية بحملة قمعية أسفرت عن قتل الآلاف واختفاء آلاف آخرين، ومارس كل انواع القهر والتعذيب ضد شعبه، والذي تظاهرت ضده اوروبا قبل عامين لما جاء للعلاج في لندنِ وتعالت اصوات ضحاياه من كل الجنسيات، مطالبين بمحاكمته، لولا تدخل بوش وتاتشر واميركا لمنع محاكمتهِ 
وفي بنما، استولى نورييغا على الحكم 1983، وكان عميلا للمخابرات الاميركية، وعمد الى تزوير الانتخابات مرتين، عام 84 و89ِ وصفقت اميركا لانتصاره المزيف، وأرسلت وزير خارجيتها جورج شولتز لتهنئتهِ ولكنه لما بدا يتدخل في شؤون الصفوة من رجال الأعمال والشركات الاميركية الكبرى وتوقف عن مساعدة قوات مرتزقة 'الكونترا' تحول من رجل اميركا الذي تعتمد عليه وتؤيد سياسته الفاسدة، الى طاغية ومهرب مخدرات، فدعمت اميركا انقلابا ضده، ولما فشل قامت بغزو بنما واعتقال رئيسها بعد ان سقط آلاف القتلىِ وسلمت السلطة للأقلية البيضاء 10% من السكانِ وأقسم اندارا الرئيس الذي عينته اميركا اليمين الدستورية في قاعدة اميركية في بنماِ ووصفت صحف اميركا اللاتينية ذلك الغزو بالاستبداد الدولي، ويوم الخزي والعار لدول اميركا اللاتينية لعجزها عن حماية استقلالها من العدوان الاميركيِ وأفادت احصاءات الكونغرس الاميركي، ان انتشار المخدرات وعملية غسل الأموال قد تضاعفا في بنما بعد الغزوِ وارتفع تعاطي المخدرات الى 400%، وأصبحت الوحدات الاميركية في بنما سوقا لترويج المخدرات، اي ان جميع المبررات التي ادعت اميركا انها غزت بنما من أجلها موجودة وتضاعفت واميركا ساكتة، لأنها تدعم الأنظمة الفاسدة طالما تضمن ولاءها، وطالما سمحت تلك الأنظمة للأرباح ان تتدفق من بلادهم للشركات الاميركيةِ 
أما السلفادور فقد شهدت في فترة السبعينات نشاطا سياسيا يسعى لتنمية الوعي السياسي والنهوض بالدولة، فشكلت الحكومة منظمة يمينية لإجهاض عملية الاصلاحِ ولما فشلت الحكومة في مواجهة اصرار الشعب على الاصلاح عندئذ تدخلت اميركا لانقاذ النظام القمعي، فأمدته عام 1980 بشتى أنواع الأسلحة والخبرة العسكريةِ ولما ناشد اسقف السلفادور اوسكار روميرو الرئيس كارتر بألا ترسل اميركا المساعدات للميليشيات النظامية المسلحة، التي تستخدم الدعم في ترسيخ الظلم والقمع ضد المنظمات الشعبية، التي تحارب من أجل احترام حقوق الإنسان الأساسية، تم اغتيال الاسقف بعد أسابيع قليلة من تقديم الالتماسِ واشتعلت الحرب بين النظام القمعي المدعوم من اميركا والشعب، حدثت مجازر وحشية ذهب ضحيتها آلاف المدنيين، وألقت أميركا بكل ثقلها لمساعدة النظام القمعي طيلة الثمانينات، لإطالة أمد النزاع وأفشلت جميع الحلول الدبلوماسية، حتى تمكنت الحكومة القمعية من القضاء على المنظمات الشعبية، التي حاولت اصلاح بلادها ورفع الظلم عن الفقراءِ وبحلول عام 1989 كانت حصيلة ضحايا الحرب الأهلية أكثر من 70 الف قتيل وتشريد سدس السكان واستمرار النظام القمعيِ 
وفي نيكاراغوا قامت ثورة 1927 لمقاومة الاحتلال الاميركي، بقيادة اوجستو ساندينو، ولما فشلت اميركا في إخماد الثورة، أنشأت حرسا وطنيا لإنهاء التمرد وضعت على رأسه الدكتاتور اناستاسيو سوموزاِ واستولى سوموزا على السلطة عام 1936 بعد اغتيال ساندينوِ واشتهرت أسرة سوموزا بالفساد والقمع ونهب الثروة، فشكلت جبهة وطنية ساند ينستا تحمل اسم البطل الشعبي ساندينو لمحاربة أسرة سوموزاِ وتمكنت تلك الجبهة من إسقاط تلك الأسرة، وفر آخر حكامها الى اميركا عام 1979 حاملا معه الثروة التي نهبها من شعبه، بعد ان قتل خلال السنوات الثلاث الأخيرة من حكمه أكثر من 15 الفا من شعبه، وحاولت أميركا في البداية ان تكون محايدة، فاعترفت بالنظام الجديد وقدمت له بعض المساعدات، على امل ان تحوله لحكومة عميلةِ ولكن بعد ان رفضت الحكومة الثورية السيطرة الاميركية على جيشها ادارت اميركا ضدها حربا وحشية 81 -83 فسلحت مرتزقة الكونترا، ودربتهم على اثارة الرعب والتخريب، فهاجموا البنية الاساسية من مدارس ومستشفيات ومخازن طعام وفجرت المخابرات الاميركية خزانات البترول وانابيب النفط، ولقمت الموانئ لعرقلة برامج التنمية وتقويض اقتصاد البلادِ وفي 1989 فشلت اميركا في اطاحة النظام الثوري في نيكاراغواِ حتى عملاؤها ارعبتهم تلك الجرائم البشعة، فاستيقظت ضمائرهم، فتوقفوا عن مساعدة مرتزقة الكونتراِ وكانت جريمة تلك الدولة، انها رفضت الخضوع للسيطرة الاميركية، وحاولت العناية بمصالح فقرائها وتحسين بيئة شعبها، فاستحقت العقاب من الحكومات الاميركية المتعاقبة من ديموقراطيين وجمهوريين على حد سواءِ فكان ضحايا تلك الحروب اكثر من 75 الف قتيل وتشريد الالاف وتقويض النظام الاقتصادي والاجتماعيِ 
وفي 1987 لما ادانت الجمعية العامة للامم المتحدة جرائم الارهاب التي يرتكبها نظام جنوب افريقيا العنصري وكانت نتيجة الادانة 153 صوتا، اعترضت اميركا واسرائىل، بحجة ان النص يشجع نظام المقاومة ضد نظام جنوب افريقيا حليف اميركاِ على الرغم من انه كان مسؤولا عن قتل اكثر من مليون ونصف المليون من الشعبِ 
والآن ومنذ شهور واميركا تقرع طبول الحرب ضد العراق، لانها اكتشفت على حين غرة انه يحكم من نظام دكتاتوري انتهك الحريات ويملك اسلحة الدمار الشامل، بينما يؤكد التاريخ ان صدام كان رجل اميركا الذي اعتمدت عليه في حرب الثورة الايرانية، وان رامسفيلد المتشدد لضرب العراق زار العراق اكثر من مرة، واوصى بزيادة المساعدات العسكرية للعراقِ ولما قتل صدام آلاف الاكراد بالغازات السامة القت ادارة ريغان اللوم على ايران، وغفرت له ضرب المدمرة الاميركية 'ستارك' واتهمت ايران بتصعيد الحربِ وان الشركات الاميركية هي التي زودت العراق بالمواد التي تساعده على انتاج الاسلحة الجرثومية والبيولوجية، واصدر الرئيس بوش عام 1989 تعميما، ينص على ان من شأن تحسين العلاقات الطبيعية مع العراق ان يخدم مصالح البلدين على المدى البعيد، ويدفع في اتجاه الاستقرار في الشرق الاوسط والخليجِ وان نظام صدام اوشك على السقوط بعد هزيمته في حرب الخليج الثانية وانتفاضة الشعب العراقي ضده، الا انه تم انقاذه بمساعدات اميركيةِ 
اذا لماذا برزت لغة التصعيد اليوم؟ لماذا تسعى اميركا منذ شهور لتخفيف المعارضة العالمية شبه الاجماعية لضرب العراق، وتقدم مليارات لبعض الدول الكبرى لكسب تأييدها، وتسخر الاعلام الكاذب لا سيما في العالم العربي والاسلامي لتضليل شعوب المنطقة، وترصد ما يزيد عن 100 مليار دولار لتكاليف الحرب؟ ان نظام صدام صديق اميركا بالامس كان اكثر دموية واجراما ووحشية وفتكا بشعبه منه اليومِ فلماذا السكوت عنه بالامس والتحرك ضده اليوم؟ 
ومع ايماننا بان نظام صدام الاجرامي لا يجوز الدفاع عنه، وان هناك انظمة عربية قد ارتكبت جرائم في حق شعوبهاِ ومع ذلك يجب الا ننخدع بمزاعم اميركا ونصدق ما تدعيه بانها اصبحت فجأة تتعاطف مع الشعوب العربية، وانها تسعى لتعزيز الديموقراطية والتنمية في المنطقة، واستبدال الانظمة الظالمة بانظمة عادلة، حتى يسود الازدهار والتقدم في المنطقةِ فما اشرنا اليه من تاريخ اميركا الحافل بقمع الشعوب وتعذيبها، وما نراه من تأييدها السافر والاعمى لجرائم اسرائيل ومذابحها، يؤكد لنا ان

1/18/2003
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com