عداء اميركا للعرب والمسلمينِ الأسباب والجذور | رجوع
لقد جاءت احداث ال 11/9 لتخرج مادة الكراهية والتعصب العنصري الاميركي للعرب والمسلمين من مكامنها، فلم تكن تلك الكراهية جديدة أو وليدة لتلك الاحداث بل كانت مستقرة في اذهانهم وتاريخهمِ فبالرغم من ان العرب كانوا يمدون يد الصداقة والاخاء لاميركا، الا انها لم تقابل ذلك الا بالعداوة والبغضاء، ويرجع ذلك الى ارتباط المسيحية البروتستانتية الاميركية بالاهداف الصهيونية منذ ان وطئت أقدام المهاجرين ارض اميركا، اذ كانوا يلهجون باللغة العبرية في صلواتهم، وكانوا يطلقون على ابنائهم اسماء يهودية واول كتاب طبع في اميركا كان 'مزامير داود 1640'، كما كانت العبرية تدرس في بداية التعليم العالي في جميع المستعمرات، وكانت جامعة هارفرد تدرس باللغة العبرية عند تأسيسها، واول رسالة دكتوراه صدرت منها كانت عن اهمية اللغة العبرية، اي ان البروتستانت الاميركيين البيوريتانيين كانوا متحمسين لليهودية اكثر من اليهود انفسهم، وفي عام 1850 برزت في اميركا فكرة البعث اليهودي في فلسطين، ومنذ ذلك التاريخ نشطت الحركة المسيحية الصهيونية في اميركا، وكانت ترى ان ارض فلسطين مسروقة من قبل المحمديين، ويجب طردهم منها، واعادتها الى اليهود، لذلك لما صدر وعد بلفور سارع الرئيس ويلسون بالتصديق عليه، ونادي بضرورة اعادة الارض المقدسة لاهلها، واعلن خلفاء ويلسون في الرئاسة التزامهم بالموقف الصهيوني، وايمانهم بالوطن القومي اليهودي في فلسطين. ومنذ ذلك التاريخ دعمت اميركا بكل قوة الاستيطان الصهيوني في فلسطين، وايدت الجرائم الوحشية التي كانت ترتكبها العصابات الصهيونية، وساعدتهم في حرب الابادة والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني، ثم ايدت حروب اسرائيل ضد العرب، واجتياحها للبنان، واستبشرت خيرا بانتصار اسرائيل عام 67، واحتلالها لبقية ارض فلسطين لاسيما القدس، ظنا منها ان ذلك يؤكد التنبوءات التوراتية وان نهاية التاريخ اصبحت قريبة، وان القدس هي المدينة التي سيحكم منها المسيح العالم بعد مجيئه الثاني، لذلك وقفت بحزم ضد انتفاضة الشعب الفلسطيني الاولى والثانية، وانحازت لجرائم شارون ومذابحه، وتعرقل اي عمل يعيد الضفة الغربية للفلسطينيين لتعارض ذلك مع عقيداتهم الايمانية. من هنا يجب ان ندرك ان انحياز اميركا لاسرائيل لا يرجع لسيطرة اللوبي الصهيوني اليهودي على الاعلام والاقتصاد الاميركي وتأثيره على الانتخابات الاميركية فحسب، بل الاهم من ذلك انه نابع عن ايمان بالعقيدة الاصولية المسيحية المتهودة التي حملها المهاجرون الاوائل منذ ان وطئت اقدامهم ارض اميركا، ثم توالى صعود اليمين المسيحي في السبعينات والثمانينات، حتى اصبح قوة مؤثرة في الانتخابات الاميركية، ثم ازداد خطورة وقوة بعد ان تحالف اليمين المسيحي مع اليمين السياسي الجديد في الحزب الجمهوري فشكل ذلك التحالف بما يسمى بحزب الله الاميركي. اما السبب الثاني لعداء اميركا للعرب والمسلمين فيعزى لاعتقاد اميركا ان العرب قد يقفون عقبة في وجه تحقيق الرغبة الاميركية الرامية للتفرد في الهيمنة والسيطرة على العالم، لذلك اعلن منظرو السياسة الاميركية وفلاسفتها بعد سقوط الشيوعية ان العرب والمسلمين هم العدو الجديد لاميركا، وتكمن خطورة العرب والمسلمين من وجهة النظر الاميركية بالروح المعنوية العالية، والقيم والمشاعر التي يمدهم بها دينهم الاسلامي وتراثهم العربي، تلك القيم التي تجعلهم يشعرون بالتميز عن غيرهم وتحرم عليهم الخضوع لاعدائهم، فاميركا تريد ان تحطم تلك الروح والمشاعر، ليتسنى لها السيطرة على المنطقة العربية والاسلامية لنهب ثرواتها ثم تنطلق منها للسيطرة على العالم. ان رغبة اميركا في التفرد والسيطرة على العالم كان حلما راود زعماءها الاوائل منذ توليهم الرئاسة اذ كانوا يعتقدون انهم شعب الله المختار، وان تأسيس اميركا ما هو الا خطة الهية لتحرير البشرية من الاستعبادِ قالها واشنطن وخلفاؤه من بعدهِ وقال نيكسون بعدهم بأكثر من قرنين: ان الله مع اميركا، ان الله يريد ان تقود اميركا العالمِ فالخطاب الاميركي لم يتغير من واشنطن الى بوش فستظل اميركا في اعين الرؤساء الذين يحكمونها والاثرياء الاقوياء الذين يديرونها الذراع اليمني للآلهةِ فهم يسعون للسيطرة على العالم وفتح اسواقه امام الشركات الاميركية لنهب ثرواته ويدعون انها اوامر الهيةِ انهم يهدفون الى زيادة انتاجهم وتحويل العالم الى مستهلك لتلك المنتجات، ويؤكد تاريخهم الدموي انهم سيسحقون بلا رحمة من يقف في وجه تلك الاهداف. تسعى اميركا لتحقيق اهدافها بدهاء وخبث وقوة، بادئة عدوانها على الدول العربية والاسلامية الضعيفة لتسيطر على هذه المنطقة الاستراتيجية والغنية بمواردها ومن ثم تنطلق منها للسيطرة على العالم. وما يزيد مخاوفنا وقلقنا ما تسرب من أنباء تفيد ان اميركا تخطط لتمزيق العراق والسعودية ومصر وسوريا والسودان، لاقامة كيانات عربية على اساس عرقي ضعيفة وهزيلة يعادي بعضها بعضاِ لان هذا سيساعد على تحقيق اهداف اميركا الاستراتيجية في المنطقة ومن اهمها ضمان الامن لاسرائيل وتمكينها من قيام دولتها الكبرى من الفرات الى النيلِ وتمكين الشركات الاميركية الكبرى من السيطرة على المنطقة ونهب ثرواتها واستعباد شعوبهاِ ومع ذلك يصفق بعض الاعلاميين والمفكرين العرب للعدوان الاميركي على امتهمِ اننا بحق بحاجة ماسة الى اعلام وفكر عربي مستنير يتعمق في فهم مخططات اميركا واهدافها العدوانية، ويكشفها للانسان العربي ليساهم في توعيته وتحرير عقله.
12/22/2002
|