الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
التدمير الاميركي الصهيوني للأمن القومي العربي | رجوع
يهدف الأمن القومي العربي الى تطوير قدرات الامة الاقتصادية والسياسية والعسكرية، ليتمكن العرب من الدفاع عن كيانهم ووجودهم وسيادتهم على اراضيهمِ فهو لا يهدف الى التوسع او العدوان، بل الى التعايش السلمي مع دول العالم، ويجب ان يعطى الامن القومي الاولوية على ما عداه، فمن دون امن لن تكون هناك نهضة ولا كرامةِ وان جميع السياسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية لن تؤتي ثمارها، بل سيكون مصيرها الفشل. 
واليوم يتعرض الامن العربي لأخطر تهديد عرفه عبر تاريخه، ويكمن في التآمر الاميركي - الصهيوني على امننا القوميِ وذلك لان الامن القومي الاميركي مسخر لخدمة مصالح الشركات الاميركية العملاقة، التي تهدف الى توسيع نفوذها للسيطرة على الاقتصاد العالمي. 
فالأمن الاميركي قائم اساسا على التوسع والعدوانِ لذلك نجد الجيش الاميركي لا يتوقف عن شن الحروب والاعتداءات على الشعوب والامم الاخرىِ كما تدخلت المخابرات الاميركية لزعزعة انظمة الحكم في معظم دول العالم لاقامة حكومات عميلة تخدم المصالح الاميركية وتقهر شعوب تلك الدولِ ومن يتأمل في خطاب الرئيس بوش الاب الذي القاه في 24/1/92 فسيدرك بوضوح النزعة الاميركية للهيمنة على العالمِ حيث قال في ذلك الخطاب 'ان القرن الجديد يجب ان يكون اميركيا بمقدار ما كان القرن العشرين اميركيا'ِ وتأكدت هذه النزعة في الوثيقة التي اعدتها وزارة الدفاع الاميركية في 24/3/92، حيث رأت 'ان الولايات المتحدة ستكون القوة العظمى الوحيدة في النظام الدولي الجديد، ولن تقبل لها منافسين في العالم'ِ وهذا ما تردده الادارة الاميركية الجديدةِ وتشبه هذه النزعة الفكر النازي الالماني حيث ادعى بتفوق الجنس الالماني على الجنس البشري، ودفعه ذلك الوهم الى محاربة العالم لاخضاعه تحت القيادة الالمانيةِ تشابهت الافكار بين النازية الالمانية والنازية الاميركية الجديدة، فهدفهما واحد هو السيطرة على العالمِ ولكن النازية الالمانية جعلت انطلاقتها من اوروبا، اما النازية الاميركية فرأت ان يكون انطلاقها من المنطقة العربية. 
وبما ان المنطقة العربية تزخر بالثروات الضخمة، وانها منطقة استراتيجية، لذلك اصبحت مطمعا للنفوذ الاميركيِ فبدأ بالتخطيط للسيطرة عليها لينطلق منها للسيطرة على العالم. 
كما ارتبط الامن الاميركي بالامن الاسرائيليِ واعتبرت اميركا الامن الاسرائيلي جزءا لا يتجزأ من امنها القوميِ والامن الاسرائيلي قائم ايضا على العدوان والتوسع في اراضي الغيرِ وسخرت اميركا طاقاتها لتحقيق اهداف اسرائيل العدوانية، فامدتها بآلة الحرب المتطورة، وطورت اسلحة الدمار الشامل لديهاِ لذلك نجد اميركا التي تنادي بتدمير اسلحة الدمار الشامل في ايران وكوريا والعراق وباكستان لا تسمح لاحد بالتحدث عن اسلحة الدمار الشامل الاسرائيلي. 
ولتحقيق الاهداف الاميركية الرامية الى السيطرة على المنطقة العربية ولتحقيق الامن الاسرائيلي، سعت اميركا الى اضعاف المنطقة العربية، واتبعت شتى الوسائل لزعزعة نظامها الامني، ومن اهم تلك الوسائل اشعال الفتن والصراعات بين الدول العربيةِ فشجعت النظام العراقي على محاربة ايران لتدمير طاقات البلدين المادية والبشرية، ثم شجعته على غزو الكويت واحتلالها فأدت تلك المحنة الى انقسام الصف العربي، واحدثت شرخا عميقا في جدار الامن العربي، فاصبح العراق هو المصدر الرئيسي للتهديد الامني بالنسبة لدول الخليج وليس اسرائيلِ وسارعت دول الخليج الى عقد صفقات عسكرية وامنية مع الدول الاجنبية، فانفقت اموالا طائلة على شراء الاسلحة بدلا من انفاقها في مجال التنميةِ وامتلأت دول الخليج بالقواعد ومخزون السلاح الاميركي، ظنا من تلك الدول ان التواجد العسكري الاميركي هو الذي سيوفر لها الامن من تكرار الغزو العراقي، كما ادت تلك المحنة الى تدمير طاقات العراق عسكريا وماديا وبشرياِ ويضاف الى ذلك النزاعات والصراعات الممتدة في معظم الدول العربية. 
لقد استغلت اميركا الواقع العربي المتدهور الذي ساهمت في صنعه فحرضت الارهابي شارون على استخدام آلة الحرب الاميركية المتطورة ليفتك بشعب اعزلِ ثم تصف الادارة الاميركية بكل وقاحة جرائم شارون الهمجية التي تفوقت على جرائم النازية بانها دفاع عن النفس، في حين تصف دفاع الفلسطيني المظلوم بالارهابِ انه منطق المجرمين والمفسدين في الارض الذين يستمتعون باراقة الدماء العربية البريئة إيمانا منهم بأن هذا الأسلوب سيجر العرب للاستسلام أمام الشروط الأميركية ـ الصهوينة المذلة للعرب. 
من المعلوم أن الأمة العربية لديها امكانات ضخمة لو استثمرت الاستثمار الجيد لأمكنها تكوين تكتل اقليمي قوي سينهض بهذه الامة ويمكنها من التصدي للتحديات التي تهدد وجودها وكيانهاِ فالوطن العربي يحتل 10% من مساحة العالم الكلية، ويعيش فيه ما يقرب من 260 مليون نسمة يشكلون وحدة متجانسة لغة وتاريخا ومصيرا، وفي اراضيه اهم الممرات المائية ومجموعة من البحور واراض شاسعة صالحة للزراعة و63% من احتياطي النفط العالمي و22% من احتياطي الغاز، ومليارات ضخمة من الاستثمارات الخارجيةِ وفوق هذا كله ما يملكون من قيم واخلاق ترسخت فيهم من دينهم وتراثهمِ فارضهم مهبط الرسالات السماوية ومهد الحضاراتِ فهذه الامكانات لا يمكن استثمارها الاستثمار الافضل الا في ظل تعاون عربي وثيقِ فكيف نقيم هذا التعاون العربي ونقضي على الفتن والصراعات المفتعلة بيننا؟ 
قد يكون الاتحاد الاوروبي مثلا حيا لنا يمكن الاستفادة من تجربتهِ فبالرغم من ان دول الاتحاد الاوروبي تتحدث لغات متعددة، وبالرغم من ان الصراعات التي قامت بينها اخطر بكثير من النزاعات التي نشبت بين الدول العربية، حيث ادت الحربان العالميتان الاولى والثانية وحروب نابليون والبلقان الى قتل الملايين من ابناء الشعب الاوروبيِ ولكن ذكاء تلك الشعوب دفعهم الى التفكير بجد باهمية تحقيق الامن في اوروباِ فصاغ نظريات الامن الاوروبي مجموعة من المفكرين وفق معايير علمية وموضوعية ليبنى الامن الاوروبي على اسس سليمةِ ومن ثم تحولت تلك الدول المتحاربة الى دول تتعاون لتحقيق تنمية شاملة في تلك المنطقة، فأدى ذلك الى قيام الاتحاد الاوروبي الذي سيخلق قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية قد تكون القوة الاقوى في القرن الحالي. 
وعلى الدول العربية كبيرها وصغيرها غنيها وفقيرها ان تعلم علم اليقين انها لن تستطيع ان تحقق لنفسها امنا او نهضة او كرامة في ظل هذا التفكك وفي ظل انظمة استبدادية تفكر بمصالحها قبل مصالح شعوبها واوطانهاِ وبما اننا لن نستطيع مواجهة الهجمة الاميركية ـ الصهيونية في ظل هذا التفككِ فعلينا ان نستفيد من التجربة الاوروبية، ويجب ان تتبع كافة الخطوات العلمية المدروسة لاقامة اتحاد عربي مشترك يهدف الى تنمية جميع دول المنطقة وشعوبها ورفع مستواها السياسي والاقتصادي والعسكريِ ان الجماهير العربية الثائرة التي كانت تنادي بمقاطعة العدو الاميركي كانت تدرك ان اميركا هي العدو الحقيقي لهذه الامة قبل اسرائيلِ فهي التي تحرض اسرائيل على العدوان وتمدها بالقوة لسحق الشعب الفلسطينيِ وان الشعب الفلسطيني والارض الفلسطينية ستكونان الخط الاول لتلك الهجمة ليمتد العدوان الاميركي ـ الصهيوني الى سائر المنطقة العربيةِ كما كانت تلك الجماهير تدرك ان مقاطعة العرب لاميركا لن تضر العرب في شيء، فبامكان العرب استيراد الصناعات والمنتوجات الاوروبية واليابانية بدلا من الاميركية، فالمصالح الاميركية هي التي ستتضرر من المقاطعة العربيةِ فما دامت اميركا قد كشفت عن وجهها المعادي للعرب والمسلمين بهذه الصورة السافرة، فيجب ان نقف جميعا في وجهها. 
ان تحقيق هذه المطالب المشروعة بحاجة الى قيادات شعبية مخلصة وحكيمة تسعى وبكل حكمة وتعقل الى قيام انظمة ديموقراطية تهدف في المقام الاول الى تحقيق امن اوطانها وشعوبها على انقاض الانظمة الاستبدادية التي تركز على امنها قبل امن اوطانها وشعوبها والتي تعتقد ان امنها لا يتحقق الا في خدمة مصالح العدو الاميركي الصهيونيِ ان احداث هذه التغيرات في الوطن العربي ضرورية وملحة لمواجهة المخطط الاميركي ـ الصهيوني. 


11/4/2002
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com