الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
مصالح الكويت الوطنية. وتحسين علاقاتها الفلسطينية | رجوع
لقد ادى التأييد الفلسطيني للاحتلال العراقي الى تدهور العلاقات الفلسطينية الكويتية والى تحول في مشاعر الكويتيين تجاه الشعب الفلسطيني وقياداته، وقد تكون هذه المشاعر طبيعية ومقبولة في بداية التحرير الا ان استمرارها حتى اليوم، على الرغم من محاولات السلطة الفلسطينية تحسين تلك العلاقات وعلى الرغم من الظروف التي مر بها الشعب الفلسطيني، يعتقد انه غير طبيعي او غير مقبول لتعارضه والسياسة المألوفة التي تتبعها معظم دول العالم والتي تتمثل في الحرص على تحسين العلاقات لا سيما مع الدول الاقليميةِ اننا لسنا اول دولة يخطأ في حقها فالتاريخ مليء بالصراع ولكننا نرى معظم دول العالم بعد الخروج من الحروب ترتفع فوق الجروح فتتناسى الكثير من الاخطاء اذا رأت ان مصالحها الوطنية تتطلب ذلك، فإيران لم تعاد الكويت او الدول التي ساندت العراق بل حسنت علاقاتها حتى مع العراق الذي اعتدى عليها لانها رأت أن مصالحها تتطلب تقليل الاعداء في المنطقة. 
والنظام العراقي اتبع ما استطاع من وسائل وحيل لاصلاح علاقاته مع الدول التي حاربته واخرجته من الكويت فحولها من دول معادية الى دول تتعاطف معهِ ووثقت اسرائيل بعد حرب 67 اتصالاتها مع الدول الافريقية التي ساندت القضية العربية وبذلت لها كل الاغراءات فحولتها الى دول صديقة، ان سياسة تقليل الأعداء وكسب الاصدقاءا سياسة تتبعها الدول القوية والضعيفة عبر القرون، وهي سياسة تتفق مع العقل والحكمة لذلك حث الاسلام المسلمين على اتباعها فامرهم الله بقوله 'ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم'. 
اما الكويت فقد اتبعت بعد التحرير سياسة تعتمد على معاداة معظم الدول العربية لمجرد انها قامت فيها مظاهرات تؤيد الغزو العراقي او صدر منها تصريح يندد بالتدخل الاجنبيِ فاطلقت عليها دول الضدِ فبالرغم من ان تلك الدول حاولت اصلاح علاقاتها مع الكويت وعلى الرغم من ان اصدقاء الكويت بينوا لها خطورة تلك السياسة، الا ان الكويت اصرت على اتباع السياسة الشاذة وغير المألوفة، ووضعت شروطا لعودة علاقاتها مع تلك الدول ورفضتها تلك الدول، ولم تحسن الكويت علاقاتها مع تلك الدول الا بعد ان تأكد لبعض اطراف السلطة خطورة تلك السياسة وانها ستؤدي الى عزل الكويت عن محيطها العربي وتسبب باضعاف دفاع الكويت عن قضاياها العادلة، وبخاصة قضية الاسرى والمرتهنين. 
لذا نعتقد انه من الضروري ان ترسم السياسة الخارجية وفق استراتيجية مدروسة ترتكز على العقل والحكمة وتراعي قدرات الكويت وضمان مستقبلها واستقرارها ومصالحها الاقليمية والدولية وتبتعد الى حد كبير عن عواطف العامة ومصالح الانتهازيين واصحاب العقد النفسية وكل من يعتقد ان الاتفاقيات الامنية مع الولايات المتحدة ستوفر لنا الأمن والاستقرار وتغنينا عن توثيق العلاقات مع الدول العربيةِ هذا تفكير سطحي وساذج لذا نأمل ان تتبنى الكويت سياسة مدروسة تساعد على تحسين العلاقات مع الدول العربية ومن ضمنها الشعب الفلسطيني لان استمرار العداء مع القيادة الفلسطينية في مثل هذه الظروف سيظهر الكويت بانها تقف في الخندق المعادي للامة العربية والاسلامية وهذا من شأنه ان يحرج الكويت حكومة وشعبا ويزيد من عزلتها وسينتهز النظام العراقي هذا الموقف لتشويه سمعة الكويت والتشهير بهاِ ولن تجد الكويت من يصدق ما تدعيه بانها تميز في عدائها بين الشعب الفلسطيني وقياداته لاننا نعرف ان هناك تلاحما بين الشعب الفلسطيني وقيادته، فالقيادة منتخبة من الشعب الفلسطيني وعناصر السلطة هي التي تحرك الانتفاضة والشارع الفلسطيني. 
فاذا رأت الحكومة الكويتية ان الواجب الديني والقومي يمليان عليها الا تتنكر للاقصى والقضية الفلسطينية وانها تريد تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني فانها لن تستطيع تقديم تلك المساعدات على احسن وجه الا من خلال التعامل مع القيادة الفلسطينية فهي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني الذي اعترفت به جميع الدول والمنظمات العربية والدولية وهي التي تحمل معاناة ذلك الشعب وهمومه الى دول العالمِ ولقد استطاعت تلك القيادة ان تحقق للشعب الفلسطيني مكاسب عظيمة على الرغم من صعوبة الظروف ومن ابرزها ان السلطة الفلسطينية التي كانت تقوم بالمنفى اصحبت تقوم فوق ارض فلسطين تشرف على المجتمع المدني الفلسطيني تدبر جميع مؤسساته بكفاءة. 
فاستطاعت في غضون سبع سنوات صعبة ان تخلق نهضة فلسطينية شاملة تستطيع ان ترى من خلالها قيام معالم الدولة الفلسطينية، فأذهلت تلك النهضة الاسرائيليين ومن المحتمل انها جرتهم للانتفاضة لعرقلة مسيرة التنمية الفلسطينية وتدميرها قبل ان تقوى ويشتد عودها، الا ان اسرائيل بعد ان استخدمت ما لديها من اسلحة حرب ضد الانتفاضة سرعان ما تأكد لها ان الشعب الفلسطيني قوي في الحرب كما هو قوي في السلم فاسقطت الانتفاضة حكومة باراك وهي صامدة في وجه الحكومة الوطنية بقيادة شارون وستتحداها حتى تدرك اسرائيل ان الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن ثوابته ولا مفر امام اسرائيل سوى تحقيق مطالب الشعب الفلسطيني المشروعة. 
ان القيادة الفلسطينية التي حققت تلك المكاسب لشعبها تستحق الاحترام ونعتقد انها من افضل القيادات العربية واكثرها حرصا على مصلحة شعبها، فالرئيس الفلسطيني بالرغم من مرضه وشيخوخته الا انه يزور يوميا جرحى الانتفاضة يواسي اسرهم ويلتقي مع مختلف عناصر الشعب الفلسطيني ليبث فيهم الشجاعة والحماس ويتعهد بمواصلة الكفاح حتى تتحقق مطالب الشعب الفلسطيني المشروعةِ اما ما يثار حول السلطة الفلسطينية من شبهات تتصل بالفساد الاداري والمالي فاننا نعتقدا انه لا توجد حكومة في العالم تسلم من تلك الشبهاتِ واما من ينتقدها لاختيارها خيار السلام فاننا نعلم انها اختارته بعد دراسة وافية للوضع الفلسطيني البائس والوضع العربي المتردي والواقع الدولي، فبدأت تتفاوض مع الاسرائيليين مع علمها بانهم شعب صعب التفاوض معه اشتهروا بالمراوغة وخيانة العهودِ ومع ذلك استطاع المفاوض الفلسطيني ان يحقق الكثير من المكاسب دون التفريط بالثوابت الفلسطينية فاستطاعوا تحقيق اعتراف دولي مكنهم من شرح قضيتهم لمعظم دول العالم وفضح جرائم اسرائيل ضد الانسانية وكشف صورتها الحقيقية ومن ثم زاد تعاطف العالم مع قضيتهم. 
اما ما ينادي به بعض الحكام العرب الانتهازيين امثال صدام وبعض الاحزاب العربية المتطرفة ممن يرفضون السلام ويرفعون شعارات عنترية، فينادون من خلال خطب حماسية تلقى عبر وسائل الاعلام بمحاربة اسرائيل واميركا، وتحرير كامل التراب الفلسطيني من النهر الى البحر ورمي الاسرائيليين في البحر الى غير ذلك من الشعارات البراقة التي اثبتت التجارب انها اقرب الى الخرافة والخيال ولا يصدقها الا المرضى وضعاف العقول ولم تتخل عنها السلطة الفلسطينية الا بعد أن تأكد لها كذبها اوزيفها وانها لا تزيد الشعب الفلسطيني الا محنة وعذاباِ ان السلطة الفلسطينية اختارت الطريق السليم المناسب للواقع العربي والدولي فيجب تشجيعها وعدم التشكك في مصداقيتها والمزايدة على اخلاصها لقضيتها التي ظلت تدافع عنها طيلة القرن الماضي. 


6/4/2001
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com