النزعة الشريرة التي كشفتها انتخابات العديلية | رجوع
ان من اهم ما كشفت عنه نتائج الانتخابات البرلمانية الاخيرة في المنطقة العاشرة (العديلية ـ قرطبة ـ السرة) اننا كمجتمع نحتاج الى قليل من الحياء والادب في تعاملنا مع بعضنا، اقول هذا تعليقا على الحملة الشرسة الظالمة التي تعرض لها النائب جمال العمر بعد فوزه في تلك الانتخابات، فلا شك ان تلك الحملة قد سببت له ولاسرته اضرارا نفسية واجتماعية، وعلينا ان نتساءل ان كان المجتمع الكويتي بدينه وقيمه وقوانينه يسمح بأن تستباح سمعة مواطن ويلاك بالألسن، وتكال له الاتهامات من دون دليل او برهان، فاذا سمح المجتمع بذلك، فهذا يعني ان مجتمعنا اصبح مجتمعا فوضويا لا يأمن فيه المواطن على حماية شرفه وعرضه من كل قول دنيء بذيء. وقد يعلم كل من اتهم النائب جمال بدفع الرشوة انه اتهم معه ابناء الدائرة التي انتخبته بقبول الرشوة، اي انهم وصموا مجموعة كبيرة من المواطنين بالدناءة والسفالة، فمن الذي وقع في الخطيئة ويستحق العقابِِ هل النائب ومن انتخبه من ابناء الدائرة ام الذين رددوا تلك الاتهامات معتمدين على الاشاعات والاقاويل الباطلة؟ مع علمهم بان نشر تلك الاشاعات سيلحق اضرارا كبيرة بالروابط الاجتماعية، لذا يجب ان يكون المجتمع حاسما وواضحا في المحافظة الشديدة على حقوق الانسان وحمايته من الالسن الكاذبة والاقلام الضالة، ان المبدأ الاساسي الذي يجب ان يقوم عليه كل مجتمع يحترم ذاته وافراده، ان كل انسان بريء لا يجوز تلويث سمعته من دون دليل واضح، فيجب سن القوانين التي تحمي شرف الانسان وعرضه من كل متطاول كذاب. وقد يكون من اسباب تلك الحملة ان القوى السياسية اعتبرت فوز النائب المستقل بمثابة اهانة لها، فهو في نظرهم ضعيف لان لهم تاريخهم السياسي الطويل، وعسكر جميع رموزهم وشيوخهم ومفكريهم في مقار المرشحين وعقدوا الندوات والقوا مالديهم من افكار كانوا يعتقدون انها نيرة، فاذا بهم يفاجأون بان الدائرة تفضل عليهم النائب المستقل. لقد كانت تلك النتيجة قاسية وحرجة بالنسبة لهم، ولكن بدلا من دراسة تلك النتيجة وتحليلها لمعرفة اسباب الفشل الحقيقية لجأت تلك القوى الى تبريرات غير قانونية فصدقت الاشاعات وتمسكت بها، فاذا كنا حقا نؤمن بالديموقراطية فان الديموقراطية تفرض على كل من اساء للنائب وابناء الدائرة ان يقدم دليلا ملموسا لتلك الاتهامات، فان لم يستطع فانه مطالب باسم الديموقراطية بان يعتذر عن كل ما بدر منه من قول وفعل. اما بالنسبة للنائب الجديد فاعتقد ان سبب ضعفه ثم التطاول عليه قد يرجعان لانتمائه الى الاسر الكويتية البسيطة التي سكنت الكويت منذ مئات السنين، وصبرت على فقرها وجوعها، فهو لا ينتمي الى التكتلات القبلية او الطائفية او الدينية التي تريد ان تحتكر العمل السياسي وتعمل على تحطيم سواها وتهميش دوره، لذا فانك بعد تلك الحملة الشرسة التي اعقبت فوزك اصبحت واقعا تحت المجهر وتحركاتك محسوبة عليك، فهل تستطيع ان تثبت اثناء وجودك في تلك المؤسسة انك تعمل لصالح وطنك ومواطنيك وتبتعد عن تحقيق مصالحك الشخصية؟ فاذا اردت ان تكون كذلك، فعليك ان تتعرف على النواب المخلصين، وهم فئة قليلة، وضع يدك في يدهم، ومن الاعضاء المخلصين الذين يستحقون ان يكونوا قدوة حسنة لغيرهم ومثلا اعلى يحتذىِِ المرحوم سامي المنيس الذي نعتقد انه خرج من الدنيا لا يملك سوى منزله ولم يستغل وجوده الطويل في المجلس لتحقيق مصالحه الخاصة، والدكتور احمد الخطيب والاخ الفاضل جاسم القطامي والعم عبدالعزيز الصقر وسواهمِِ في حين سنجد اعضاء انتهازيين عملوا على تخريب الديموقراطية وتشويه سمعتها، واستغلوا وجودهم في المجلس ابشع استغلال لتحقيق مصالحهم الشخصية او الحزبية اوالقبلية الضيقة وتجاهلوا مصلحة الدولة ومستقبل الاجيال القادمة. فاي الطريقين تريد ان تختار؟ هل الطريق الوطني، وهو طريق صعب وشاق بعيد عن المصالح الذاتية ولم يسلكه الا القليل وهو الذي يساهم في بناء المؤسسة الديموقراطية ويرسخ قواعدها على اسس سليمة؟ ام الطريق الابتزازي الذي اصبح مألوفا وشائعا وادى الى ان تفقد الجماهير ثقتها بأهمية الديموقراطية؟
7/1/2001
|