الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
وجهة نظر في الاعتداء على طالبة 'التجاري | رجوع
على الرغم من اني تبنيت هذه النظرة من خلال ما قرأت وسمعت من وسائل الاعلام فقد لا تكون علمية بدرجة كافية الا اني اود طرحها ظنا مني بخطورة القضية ومن خلال هذه النظرة اعتقد ان سبب الاعتداء هو التطرف الديني، ومن معاني التطرف الديني وجود فئة متطرفة تزعم انها وحدها التي تفهم الدين وتريد ان تفرض هذا التصور على المجتمع وتدعي انها المسؤولة عن حماية الدين والدفاع عنه. 
والمجتمعات الاسلامية تكره التطرف وتحاربه لان الله اراد ان يجعل الاسلام دينا لجميع المسلمين يجتهدون في فهمه وتطبيقه ولقد حاول المتطرفون الظهور في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والخليفة عمر ولكنهم فشلوا وقد برزوا في اواخر عهد عثمان رضي الله عنه وحاربهم الإمام علي والامويون وقضت عليهم الدولة العباسية وبرز التطرف في عهد الاحتلال واقتضت مصالح بعض الحكومات العربية تقوية التطرف لضرب مراكز القوى لديهم امثال السادات والمهدي وابن جديد ولكنهم جميعا سقطوا على ايدي المتطرفين. 
واليوم تلعب الحكومة الكويتية اللعبة نفسها تقوي التيارات الاصولية لضرب الحركات الوطنية لتحارب مشاريع الاصلاح الجادة وبدا التحالف واضحا بينهما اذ اغدقت عليهم من المال العام لمساعدتهم على النمو وجعلت بعض مؤسسات الدولة حكرا عليهم ولكن هذه الجماعة لا تشبع بل تسأل دائما عن مزيد فهدفها السيطرة على الدولة بكاملها، ومن وسائلها لتحقيق هذا الهدف استغلالها لظهور بعض انماط السلوك السيئ في المجتمع والذي برز نتيجة للتغير الاجتماعي ومن ثم لا تقدم حلولا علمية لمعالجة المشكلات الخلقية بل تنشر بين اتباعها ان تحقيق شرع الله هو الكفيل لاصلاح الاخلاق وان شرع الله لن يتحقق الا بوصول قياداتهم الى السلطة لانها وحدها دون سواها التي تفهم شرع الله. 
اذا فالهدف الهيمنة على السلطة ولكنهم قد يخفونه ويبرزون اهدافا مرحلية منها اظهار حاجة المجتمع الى جماعة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان تكون قياداتهم المسؤولة عن هذا الجهاز. 
ولما فشلوا في اقناع المجتمع بهذه الفكرة بدأوا يرددون الاقاويل التي تزعم ان المجتمع اصبح بلا اخلاق وان حماية الاخلاق قضيتهم الاولى، وان فساد الاخلاق يهدد الامن القومي الكويتي وان المجتمع بحاجة الى مشاريع لحماية الاخلاق ولكن قوى الشر ستتصدى لتلك المشاريع فشجع هذا احد فصائلهم ليفرض نفسه كحام للاخلاق فبدأ يتجسس على المواطنين ويتتبع عوراتهم مستخدما اجهزة تصوير وتنصت ثم يحاكمون من يتهمونهم ويصدرون عليهم الاحكام وينفذونها. 
بهذا الاسلوب الشاذ اعتدت هذه المجموعة على بعض المواطنين وفضل اكثرهم السكوت فتمادوا في اعتداءاتهم حتى اعتدوا على طالبة المعهد التجاري، وكانت من الشجاعة لدرجة انها اصرت على كشف امرهم مهما كلفها الثمن، ولقد دفعت ثمنا باهظا فيكفي انها اصبحت عرضة لالسنتهم فقد قال عنها نائب كلاما فاحشا على قناة فضائية وألقى نائب خطبة منبرية في المجلس ومن دون استئذان من رئيس المجلس ليدافع عنهم، وعسكر اربعة نواب في النيابة ليمارسوا ضغطا على النيابة ويشدوا من ازرهم واختلق بعض اصحاب المقالات الكثير من المبررات دفاعا عنهم وتحطيما للروح المعنوية والنفسية للضحيةِ فهذه الهبة من التيارات الدينية للدفاع عن هذه المجموعة دليل على الارتباط الوثيق بينهم وانهم جزء من كل وقد تكون هذه المجموعة رأس حربة او وسيلة من وسائلهم للهيمنة على مراكز السلطة. 
لقد ضحت هذه الفتاة لتكشف امر هذه الجماعة التي تريد ان تسيس الدين بالعنف والارهاب متذرعين بفتاوى مشايخهم الذين فسروا الدين هذا التفسيرالخطير مبتعدين عن الاسلوب العلمي الذي يتثبت من الاسس والنتائج قبل التسليم بها، لاعتقادهم ان اسسهم ومنطلقاتهم لا يجوز فحصها فهي حقائق ومسلمات مفروغ من صحتها، لذا فهم يعادون كل فكر غير فكرهم ولا يجادلون الا بالعنف والتهديد لسان حالهم يقول 'من لا يؤمن باهدافنا فهو كافر' ويقدمون انفسهم ضمن حملة اعلامية مضللة على اساس انهم وحدهم الامل والخلاص ويلقبون قاداتهم بالامراء والمرشدين زاعمين ان حكمهم هو حكم الله الذي لا يخطئ. 
ويتخذون من الآيات التي تقول 'ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون' او الظالمون او الفاسقون. 
شعارات يرددونها ويقصدون ان من لا يحكم بما انزل الله في السياسية والقضاء فهو كافر ظالم فاسق لا تجوز طاعته ويجب محاربته واغتياله، وتحت هذا الشعار حاربوا المجتمع الاسلامي وتم اغتيال سياسيين وادباء ومفكرين. 
واليوم وقفت الضحية وحيدة وضعيفة امام تيارات متراصة مزودة بالخبرة الحزبية العالمية، ثم يزعم احد مؤيديهم قائلا لو كان هؤلاء من الطبقة الغنية للفت قضيتهم امعانا في التضليل وطمسا للحقائق، ولكن على من تنطلي هذه الاكاذيب؟ فلو كانوا فقراء كما تزعمون فكيف استطاعوا ان يحشدوا هذا الجيش من المحامين؟ ووقف وراءهم مجموعة من النواب يلاحقون وزير الداخلية بالاسئلة ليمارسوا ضغطا عليه وعلى الحكومة للافراج عنهم؟ انهم اذا ليسوا فقراء بل مجموعة تنتمي الى تجمع ضخم يمتلك اموالا طائلة وخيرات هائلة اما الفقير الحقيقي فهو الضحية التي ارادت كشف هذه المجموعة الخطيرة فاذا بها تفاجأ بانها تقف وحيدة ضعيفة امام تيار منظم قوي فانهارت معنوياتها وتلاشت قدرتها على الصمود فقد حشدوا الانصار اثناء المحاكمة استعراضا لمظاهر القوة وتخويفا لمن يقف ضدهم وكم ذكرني انهيارها بموقف دِ عالية شعيب عندما هاجمت الليبراليين لتخليهم عنها اثناء المحاكمة ورأت ان الاسلاميين يستحقون الاحترام لثباتهم على مبادئهم واصرارهم وحماسهم على تحقيق اهدافهم. 
من الصعوبة بمكان ان يستقيم مع هذا الفكر الاعوج قانون او يستقر مجتمع فعندما تختلط الاغراض السياسية والمصالح الشخصية بالاهداف الدينية ستقع امور ضارة خطيرة تضر بالدين والسياسة والمجتمع وبخاصة ان تلك التيارات انضم اليها كثير من الوصوليين وممن في قلوبهم مرض والحاقدين ولديهم استعداد تام ليتاجروا بالدين لتحقيق غاياتهم ومآربهم الضارةِ ولقد اثبتت التجارب خطورة هذه الجماعات حتى على الحكومات التي ساندتها ولديها الكثير من الوسائل والحيل ما يمكنها من اخفاء اهدافها وقوتها الحقيقية لتضرب ضربتها في الوقت المناسب ولقد استطاعت مجتمعات لديها من الخبرة ان ترصد حركاتها وتوقفها عند حدها، ولكن هل ضعف حكومة الكويت وترددها قادران على انقاذ المجتمع الكويتي من اخطارها؟


4/6/2000
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com