اهمية البعد التربوي في انجاح قانون دعم العمالة الوطنية | رجوع
تواجه الكويت ازمة تفشي البطالة في صفوف الخريجين، ولا شك ان استمرار هذه الظاهرة له آثاره السلبية الضارة بالمجتمع، ومن ابرزها اغتراب هذا الشباب وحقدهم على الدولة ومؤسساتها، وقد يدفعهم ذلك الحقد الى الانحراف او الارتماء في احضان التيارات المتطرفة التي بدأت تنتشر في ارجاء الوطن العربي، وستكون البطالة مرتعا خصبا لنمو الافكار المتطرفة والخارجة على القانونِِ ولقد ادركت الدولة خطورة هذه الظاهرة وبادرت الى معالجتها وجاءت المعالجة باتجاهين: الاول: عن طريق البحث العلمي، حيث اجريت دراسة مطولة استغرقت ثلاث سنوات بينت اسباب هذه الظاهرة وابعادها وحجمها ووسائل علاجهاِ اما الاتجاه الثاني: لمعالجة هذه الظاهرة فتمثل في سن التشريعات القانونية فظهر ما يعرف بمقترح قانون دعم العمالة الوطنية. ومع بداية مناقشة مواد القانون بدأت تبرز خلافات كثيرة حول تلك الموادِِ والخلافات في المجتمع الديموقراطي امر طبيعي لاسيما اننا نواجه مشكلة معقدة، فمن الطبيعي ان تبرز وجهات نظر متعددة في بداية معالجتها ويجب دراسة تلك الآراء ثم الخروج برأي مدروس يستند الى الحجج العلمية الواضحة التي تخدم هذه النقلةِ ومن الخطورة اطالة وقت النقاش وعدم الوصول الى قرار حاسم فهذا يعني الفوضى واضاعة وقت الدولة، وفي هذا المقال نود ان نؤكد على اهمية البعد التربوي في نجاح هذا القانون، لان تشجيع الشباب الكويتي، العمل في القطاع الخاص لن يتسنى له النجاح بمجرد سن تشريعات قانونية تطالب القطاع الخاص بتعيين هذا الشباب في مؤسساتهِ ان فرص هؤلاء الشباب للعمل في القطاع الخاص دون اعدادهم نفسيا واكسابهم المهارات والقدرات والسلوك اللازم للعمل في هذا القطاع قد تؤدي الى تدمير القطاع الخاص ونقل جميع الامراض والعيوب الموجودة في القطاع الحكومي اليه. اننا بحاجة الى قطاع خاص قوي قادر على تحريك عجلة التنمية والازدهار الاقتصادي وتنويع الانتاجِ ولن يتحقق ذلك الا باعداد الانسان المناسب الذي يملك المهارات والسلوك والعلم ليساهم في تنمية هذا القطاع المهم وتطويره، والتعليم هو المسؤول عن اعداد هذا الانسان فما قدرة نظامنا التربوي على تحقيق ذلك؟ اذا القينا نظرة فاحصة على نظامنا التربوي فسيتأكد لنا انه غير قادر على اعداد الانسان للحياة والعمل، اذ يغلب عليه الجانب النظري، ويعتمد على الحفظ والتلقين وحشو ذهن الطالب بالمواد النظرية المتكررة كمواد الاجتماعيات والتربية الدينية واللغات الى غير ذلك من المواد النظرية التي تتكرر في المدرسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية، في حين يتجاهل الى حد كبير الدراسات العملية والتربية التكنولوجية التي تساعد الطالب على فهم الحياة والعمل. من هنا نعتقد ان اصلاح التعليم يجب ان يكون المدخل الاساسي لنجاح قانون دعم العمالة الوطنية، ويتطلب ذلك تقليل الموادالنظرية وزيادة مساحة التربية التكنولوجية والدراسات العملية وجعلها في صلب المنهج الدراسي لتكون المدرسة قادرة على اكساب الطالب الخبرات والمهارات التي تساعده على فهم الحياة والعمل واكسابه السلوك الجيد الذي يجعله يحترم العمل اليدوي والمهني ويقدر قيمته واهميته، ويساعد على اكتشاف ميول المتعلمين المتنوعة وقدراتهم غير المحددة ويعمل على تنمية تلك الميول والقدرات التي قد يقتلها التعليم النظري. ان اصلاح التعليم بهذه الصورة سيجعل من التربية ان تكون اداة فعالة في تحقيق اهداف التنمية ومحاربة القيم الثقافية التي تؤثر سلبا على مسيرة التنمية وتعيقها عن تحقيق اهدافها وتنشر قيما ثقافية ايجابية يتطلبها نجاح العمل، مثل احترام العمل اليدوي المهني وتحمل المسؤولية والعدالة والمساواة ومحاسبة المخالفين ومعاقبتهم واحترام المعايير الموضوعية والواضحة للترقية.
4/29/2000
|