الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
المساجد المخالفة وتصدع القرار الحكومي | رجوع
تعتبر صناعة القرار واتخاذه من أهم أعمال الإدارة، والإدارة الناجحة هي التي تدرس قراراتها بعناية قبل تطبيقها. وتقع إدارة مجلس الوزراء على قمة إدارات الدولة، لذا يجب أن تكون قدوة لجميع الإدارات وخاصة في مجال اتخاذ القرار. فيجب الا تتخذ أي قرار إلا بعد دراسته ودراسة الوسائل التي تساعد على تحقيقه، والقدرة على توفير تلك الوسائل والعقبات التي قد تعترض تحقيقه، وكيفية تذليلها. فاذا اتخذت القرار بعد اتباع هذه الخطوات فلا يجوز لها التراجع عنه، إلا في حالة ضرورة قصوى كظهور أزمات جديدة تمنع تنفيذ بعض المشاريع الكبرى. لأن التراجع عن القرارات من دون مبررات قصوى يعد مظهراً من مظاهر ضعف الدولة وفشلها.

ويعد تشكيل لجنة إزالة التعديات على أملاك الدولة من أهم القرارات التي اتخذتها حكومة الكويت وأفضلها، لأنه يعالج الفوضى العارمة التي كانت تشهدها شوارع الكويت وضواحيها ومدنها. ويلبي مطالب معظم المواطنين الذين كانوا يستنكرون تلك الفوضى، ويطالبون الحكومة بأن تتخذ الإجراءات الضرورية للقضاء عليها. لقد قامت الحكومة بخطوات متميزة في تشكيل اللجنة، وأسندت المهمة الى شخصيات نزيهة وعلى رأسها الفاضل محمد البدر، المشهود له بالقوة والنزاهة وحبه لوطنه. وقامت اللجنة بجهود جبارة تشكر عليها لحفظ النظام وسيادة القانون وإعادة هيبة الدولة على ممتلكاتها. وحاول المخالفون ومن يساندهم ممن يحب انتهاك القوانين، ومن يريد التكسب من استمرار الفوضى، ان يعرقل أعمال اللجنة بالقوة والاحتيال ويدافع عن الباطل. ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لتصميم المسؤولين، وعلى رأسهم صاحب السمو، على إنجاح مهمة اللجنة، ولأن الغالبية العظمى من الشعب الكويتي تساندها واستبشرت خيراً بانجازاتها.

ولكن فوجئنا بقرار سمو رئيس مجلس الوزراء الذي قرأناه في الصحف، وفهمنا منه ان سموه تلقى رسالة عن طريق الهاتف من أحد النواب يخبره فيها باستيائه من قيام لجنة التعديات بإزالة مساجد مخالفة. وتعهد سموه بوقف إزالة المساجد المخالفة وانه سيعيد بناء ما هدم منها على حسابه الخاص ارضاء للنائب وليهدئ من غضبه. ولكن النائب تمادى في غضبه، وقال انه لن يهدأ حتى يقال رئيس اللجنة ويقدم الى النيابة. لقد صدم الشعب الكويتي بهذه الأنباء، واستقبلها باستياء وغضب عارمين، عبر عنهما من خلال الأحاديث والمناقشات التي تدور في الدواوين. ويرجع الاستياء الشعبي الى أن تراجع الحكومة بهذه الصورة المخجلة عن الاستمرار في تنفيذ أحد قراراتها المهمة يدل على ضعفها، وانها لن تستطيع ان تحافظ على قراراتها، بل ستتراجع عنها بكل سهولة أمام أي ابتزاز سياسي أو ضغوط شعبية غير مبررة أخلاقيا أو قانونيا. وستترتب على ذلك أضرار كبيرة في مقدمتها توقف العملية التنموية وتراجعها.

أما بالنسبة للمساجد المخالفة فنود القول إن المساجد شأنها كشأن أي مؤسسة أخرى من مؤسسات الدولة، يجب أن تخضع في تأسيسها وانشائها لشروط الدولة. نحن نعيش في دولة عصرية ومن متطلبات نجاح الدولة المعاصرة ضرورة التزامها بالتخطيط. فعندما تخطط الدولة لبناء المدن والضواحي فإنها تضع ضمن هذا المخطط الأماكن المخصصة للمساجد والبيوت والشوارع وغيرها من المؤسسات. والدولة التي تحترم نفسها ينبغي الا تسمح لأحد بأن يعبث بهذا المخطط كأن يبني بيتا أو مسجدا أو أي مؤسسة من دون اذنها، أو في الأماكان غير المخصصة لأن هذا سيفتح أبواب الفوضى على مصاريعها ويشوه جمال أهداف الدولة ومشاريعها العمرانية. ونحن لسنا بحاجة الى من يفتي لنا ويعلمنا ان كان هدم هذه المساجد المخالفة حلالا أو حراما. فما نقوم به من عمل واضح كوضوح الشمس في كبد النهار. ولقد هدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مسجد الضرار الذي بناه المنافقون في طرف المدينة محتجين انه قريب من بيوتهم. وبين الله ان هذا المسجد سيلحق الأذى بالمسلمين وسيؤدي إلى انقسامهم، ويكون ملاذا لاعداء الإسلام «والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد انهم لكاذبون». ولا نعلم لأي أغراض بنيت هذه المساجد المخالفة، فبعضها تتخذ مخازن، ومكتوب عليها مساجد للتحايل، وقد يتخذ بعض الأحزاب تلك المساجد مكاناً لتجمعاتهم. لذا نرجو من سمو رئيس مجلس الوزراء دعم اللجنة لإكمال مهمتها.


3/17/2009
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com