عيد بأي حال عدت يا عيد *** بما مضى أم بأمر فيك تجديد؟
هذا مطلع قصيدة قالها المتنبي في هجاء كافور. وعاش المتنبي ما بين 354-305 وقد قال هذه القصيدة أثناء تهيؤه للهرب من مصر سنة 350هـ وصادف ليلة عيد الأضحى. وعدد أبياتها 28 بيتاً. خصص الأبيات العشرة الأولى لوصف نفسه التي امتلأت بالهموم والأحزان والكآبة. بدأها يسأل العيد متجاهلاً بماذا عاد عليه: هل بالهموم والأحزان التي تعود عليها منذ تواجده في مصر أم بشيء آخر جديد يغير حالته السيئة التي يعيشها؟ ثم يذكر سبب حزنه أنه بعيد عن أحبائه بيني وبينهم صحراء طويلة. ثم يخاطب العيد قائلاً ليتك أيها العيد بعيداً أضعاف بعدهم لأنني لا أستمتع بك وأحبابي بعيدون عني. ولعل أحباءه هم آماله وطموحه الذي شعر أنه بدأ يتلاشى.
لذلك نراه في الأبيات الثالث والرابع والخامس يشير بصراحة إلى أن أطماعه وطموحه هم أحباؤه ويلقى المصاعب لتحقيق تلك الآمال.
لولا العلى لم تجب بي ما أجوب بها، وجناء حرف ولا جرداء قيدود. وكان أطيب من سيفي معانقة، أشباه رونفه الغيد الأماليد. لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي، شيئا تتيمه عين ولا جيد.
فهو يعترف بأن سعيه لتحقيق آماله هو الذي فرض عليه أن يمتطي وجناء حرف أي ناقة ضامرة قوية، أو يمتطي جرداء قيدود أي فرس قصيرة الشعر طويلة العنق كناية عن سرعتها. ليجوب بها هذه الصحراء الطويلة سعيا لتحقيق آماله العريضة في الحياة. ولولا تلك الآمال لما اضطررت لمعانقة سيفي وتركت النساء الجميلات اللاتي يشبهن بياض السيوف ورونقها. حبه للمجد صرفه عن الاستمتاع بملذات الحياة. ثم يسأل صاحبيه هل تسقياني أم تقدمان لي الهموم والأحزان؟ ثم بدأ يتساءل عن نفسه هل تحول إلى جماد بلا مشاعر لا يطرب ولا يستمتع بسماع الأغاني؟ ثم بدأ بهجاء كافور يعيره بلونه وسوء خلقه، وأكتفي بهذا البيت الذي وجه فيه اللوم للمصريين قائلاً: نامت نواطير مصر عن ثعالبها … وقد بشمن وما تفنى العناقيد
ففي هذا البيت يخاطب الشعب المصري يخاطب قياداته والذين وصفهم بالنواطير أي المسؤولين عن حراسة أموال الدولة وثرواتها، فقد نام هؤلاء السادة وتركوا الثعالب يأكلون ثروات الدولة حتى بشمن أي بلغ به الشبع أكثر من طاقتهم. لكن لأن خيرات مصر كثيرة لم تتأثر بتلك السرقات.
ونحن في هذه الأيام نستقبل عيد الفطر المبارك فعلينا أن نستقبله بفرحة كما يأمرنا ديننا. على الرغم من أن الأوضاع محزنة في أربع دول عربية.