الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
خلافة الإنسان في الأرض | رجوع

خلافة الإنسان في الأرض

«وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة» (البقرة: 20). أخبر الله ملائكته أنه سيخلق مخلوقا سيجعله خليفة لله في الأرض. ولكن شاءت قدرة الله أن يتواجد في الجنة قبل انتقاله إلى الأرض. وتساءل الملائكة هل تخلق فيها من يفسد في الأرض ويسفك الدماء. والسؤال قد يعني التعجب أو الرغبة في الحصول على معرفة مزيد من الأسباب. ولعلهم قد تساءلوا بعد معرفتهم لطبيعة هذا المخلوق وما سيملك من نوازع للخير والشر. وأن طبيعته تختلف عن طبيعتهم النورانية التي جبلت على الطاعة والخضوع لأوامر الله. فأجابهم الله أنه يعلم ما لا يعلمون. وعلم آدم الكثير من العلوم ثم سأل الملائكة عن تلك العلوم فأجابوه بأنه لا علم لهم بها، فطلب من آدم أن يخبرهم بها. فبدأ آدم بشرح تلك العلوم، فقال لملائكته لهذا خلقت آدم ليقوم بما يمتلك من قدرات عقلية مذهلة بإعمار الأرض بالزراعة والصناعة ويشيد عليها الحضارات. ثم أمرهم الله بالسجود لآدم أي تقديم التحية له تكريما لقدومه. فقدموا التحية له كما أمروا ما عدا إبليس. ويرى بعض المفسرين ان الله طلب من ابليس السجود لآدم وهو يعلم أنه سيعصي أوامره. ليدرك آدم مدى الحقد الذي يكنه هذا المخلوق له ولذريته ليأخذ الحذر منه.
ثم أسكن الله آدم وزوجته الجنة وأباح لهما أن يأكلا من جميع ثمارها ما عدا شجرة واحدة. والله يعلم أنهما سيأكلان منها ولتكون سببا لخروجهما من الجنة ونزولهما إلى الأرض. فبدأ إبليس محاولاته لإغراء آدم وزوجته على معصية الله. فزين لهما الأكل من الشجرة المحرمة. وما ان اقتربا من الشجرة وأرادا الأكل منها شعرا بأنهما أصبحا عاريين كما تفيد الرواية القرآنية. وخجلا من مشهدهما بتلك الصورة، وحاولا أن يسترا أنفسهما بورق الجنة. فشعرا بالخوف والندم وطلبا من الله المغفرة والتوبة فتاب عليهما ولكن أنزلهما إلى الأرض.
نزل آدم وزوجه من الجنة، وكذلك نزل معهما ابليس وكلاهما قد عصيا أوامر الله. ولكن الفرق بينهما أن آدم اعترف بذنبه وطلب التوبة فتاب الله عليه وغفر له. أما معصية إبليس فكانت عن تكبر وعناد وإصرار على الاستمرار في المعصية. لذلك طلب من الله أن يمد بعمره لا ليتوب بل ليستمر في تضليل الإنسان وحثه على ارتكاب الشر. وعلى هذا الأساس سيكون خروجه من الجنة مطرودا ملعونا. ولهذا يرى بعض العلماء أن الصراع بين الخير والشر قد بدأ منذ تلك الفترة ولن ينتهي حتى يرث الله الأرض ومن عليها. ولعل ما نراه من ظهور الفساد في الأرض واستمرار الحروب والمجازر التي ترتكب ويذهب ضحاياها آلاف الأبرياء وتدمر المدن قد يكون نوعا من نمط الصراع الدائم بين الخير والشر. وقد يعم الشر العالم إذا حكم الدول وخاصة الدول الكبرى قادة يؤمنون بالحروب واتخاذها وسيلة لتحقيق أطماعهم وزيادة نفوذهم.
ويقترح بعض المربين تقديم مقررات إنسانية وأخلاقية في المرحلة الابتدائية وجميع مراحل التعليم العام تساهم في تهذيب خلق الإنسان، وتحارب نوازع الشر فيه. ولكن يبدو أن الإنسان يتأثر بعوامل تاريخية وسياسية تدفعه لشن الحروب. ولعل الحرب المشتعلة في أجزاء من منطقتنا العربية خير دليل على ذلك.



4/4/2018
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com