هناك دلالات تؤكد أن النظام الايراني بدأ يفقد بريقه ولمعانه، وبدأت تظهر عليه علامات الضعف. وفي مقدم تلك العلامات عدم ارتياح غالبية الشعب الإيراني منه. وبصفة خاصة جيل الشباب وهم الذين يمثلون غالبية الشعوب الإيرانية والعمود الفقري للدولة. ولقد دلت على ذلك الاحتجاجات التي اندلعت مؤخرا في عموم المدن الإيرانية والتي كان يقودها جيل الشباب على ذلك. لقد تم قمع الاحتجاجات من سلطة يحكمها شيوخ في السبعينات، أي في خريف العمر. وفي خريف العمر تظهر لدى الإنسان بوادر الضعف وحتما سيعاني أمراض الشيخوخة. وقد يصعب على كثير من جيل الشيوخ أن يتفهم مطالب الأجيال الشابة وتطلعاتهم. لذلك، قوبلت تلك المطالب بالرفض والقمع. وهو الأسلوب ذاته، الذي مارسه النظام طيلة الأربع عقود التي حكم فيها الدولة، رافضا أن يتكيّف مع التغيّرات السياسية والاجتماعية والفكرية التي أشعلت الاحتجاجات، وما زال ينظر إلى المحتجين على أنهم أعداء تحرّكهم أيدٍ معادية لجمهورية إيران الإسلامية.
هدأت الاحتجاجات، ولكن هناك من يتنبّأ بعودتها مرة أخرى، وبصورة أشد، وربما لا تتمكن السلطات من الحد منها أو السيطرة عليها. وفي هذه الأثناء ربط خامنئي الاحتجاجات بالخارج ومؤامرات الأعداء، ورد عليه كل من روحاني وأحمدي نجاد. فقد قال روحاني في اجتماع حكومي، وفي كلمة له بُثت من خلال التلفزيون الإيراني «إن أسباب اندلاع الأحداث الأخيرة تكمن في ابتعاد المسؤولين عن جيل الشباب وفرض نمط حياة الأجيال السابقة للأجيال الحالية». كما وجّه مهدي كروبي الرئيس السابق للبرلمان الإيراني والخاضع للإقامة الجبرية منذ سبع سنوات رسالة للمرشد، قال فيها إن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة جاءت بسبب الظلم والفساد وعدم تحمّل أحد المسؤولية طيلة العقود الثلاثة الماضية. وانتقد المرشد كلا من الرئيس روحاني والرئيس السابق نجاد قائلا: «إن الذين بيدهم إدارة البلاد وشؤونها التنفيذية اليوم أو أمس ليس لديهم الحق في تولي دور المعارضة والمنافسين. بل يجب أن يتحمّلوا المسؤولية».
وبعد اعتقال اثنين من كبار مساعدي احمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق وهما نائبه رحيم مشائي ومساعده للشؤون التنفيذية حميد بقائي، اتهم نجاد وجود 190 مليار دولار بطريقة غير مشروعة ولا تخضع لأي رقابة مالية. وهكذا بدأ الصراع بالظهور بين بعض أركان النظام، وبدأت أجنحته تتبادل التهم في ما بينها. كلٌّ يتهم الآخر بأنه السبب في انحدار مستوى الدولة الإيرانية. لقد قال المحتجون إن إيران في السبعينات كانت نموذجا حضاريا متقدما، وكان متوقعا لها أن تكون يابان الجديدة أو كوريا الجنوبية. ولكن نظام الحكم قضى على كل مقومات النجاح. جاء بمشروع حرب، والحرب تدمّر ولا تبني. بدّد ثروة الشعب الإيراني على تسليح الميليشيات.. ظنا منه أنه بهذه الميليشيات سيسيطر على الاقليم.
حضر مندوب إيران مؤتمر إعمار العراق في الكويت، وشاهد مساهمات دول كثيرة في إعمار العراق. ولكنه رفض أن يكون لحكومته أي دور في إعمار العراق مكتفياً بدورها المعروف للجميع.
د. عبد المحسن حمادة