أقر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدة شرعية مهمة، وهي أن النسب لا يثبت إلا بعقد زواج شرعي يحفظ فيه الزوج والزوجة حقوقهما وما يترتب على ذلك الزواج من حقوق كثيرة من نسب الأبناء وحق السكن والنفقة. وثمة حديث روته أم المؤمنين عائشة، رضي الله عنها، فقد قالت انه بعد فتح مكة اختصم سعد بن أبي وقاص، وهو خال النبي صلى الله عليه وسلم، وعبد بن زمعة عند النبي. حول نسب شاب اسمه عبد الرحمن ضمن المشاكل العديدة للجواري قبل الإسلام، فمثلا إذا أتت بمولود يلحقونه بالقيافة أي بالشبه، لذا حاول سعد أن ينفذ وصية أخيه فيلحق عبدالرحمن بأخيه عتبة، وذلك للشبه الواضح بين هذا الشاب بأخيه عتبة، ولاحظ النبي صلى الله عليه وسلم الشبه البين بين عبدالرحمن وعتبة، ولكنه رفض أن يقضي بالحكم الذي كان يراه العرب قبل الإسلام، فحكم ببنوة عبدالرحمن لزمعة وأبطل ما كان معمولا به بالجاهلية.
ثم قال النبي لزوجته أم المؤمنين سودة بنت زمعة «احتجبي منه يا سودة»، أي لا يراك من دون حجاب، بالرغم من أن عبدالرحمن يعتبر أخا لسودة من أبيها. وذلك لأخذ الحيطة للشبه الذي لاحظه النبي صلى الله عليه وسلم بين عبدالرحمن وعتبة.
واختلف الفقهاء اختلافا كبيرا في قضية إلحاق المولود ونسبه.. وهناك اكتشاف علمي حديث لإثبات النسب أو نفيه عن طريق تحليل الحمض النووي أو ما يسمى بالبصمة الوراثية. وفي هذه الحالة يخضع كل من الأب والابن لتحليل طبي ليثبت التحليل من الناحية العلمية العلاقة الوراثية بينهما. فالبصمة الوراثية تقتفي الأثر الوراثي لتعطي نتائج مؤكدة لإثبات النسب. أي أنها بمنزلة القيافة التي يعدها العرب في جاهليتهم وسيلة لإثبات النسب، بل هي أقوى منها. علما بأن النبي رفض القيافة لاتخاذها وسيلة لإثبات النسب بالرغم من أن العرب كانوا متمرسين في القيافة. فهل يجوز فرضها على المتخاصمين في عصرنا؟
المهم أن هذا الموضوع موضوع علمي جيد ممكن دراسته من جميع الجوانب وتقديمه كمقرر تربوي يقدم للشباب لدراسته وتحليله والمقارنة بين رأي الفقهاء والقوانين الوضعية، والاستفادة منه خاصة في مجال تكوين الأسرة.