الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
محتجون يحرجون النظام | رجوع

كشفت الاحتجاجات السلمية التي قام بها الشعب الإيراني لمدة عشرة أيام مشكلة النظام الإيراني، الذي حكم الدولة أربعة عقود، بعد أن أسقط نظام الشاه. كان نظام الشاه، بالرغم مما فيه من مساوئ، نظاما عصريا، ساهم في تطوير التعليم والثقافة والعمران والاقتصاد والفن، وبنى جيشا قويا لحماية الدولة. عاش الشعب الإيراني في العهد الملكي في ظل دولة مدنية علمانية. هدفها تطوير الدولة عن طريق العلم وتطبيقاته العملية واجتهادات البشر. وإن كان لذلك المجتمع الكثير من السلبيات السياسية والاقتصادية، شأنه شأن المجتمعات النامية المعاصرة له. ولما ثار الشعب الإيراني ضد حكم الشاه، واستطاع رجال الدين سرقة تلك الثورة، نادوا بنظرية نظام ولي الفقيه، أي أن يحكم الدولة رجال الدين، وهكذا أحلوا العمامة بدلا من التاج، وعارض كثير من فقهاء الشيعة الإيرانيون والعرب تلك النظرية، لاعتقادهم أنها نظرية سياسية، هدفها تكريس الحكم المطلق في يد رجل واحد وطاعته واجبة.
استمر المحتجون عشرة أيام، وكان معظمهم دون الـ40 عاما، أي الجيل الذي لم يدرك حكم الشاه، بل عاش في ظل حكم ولي الفقيه. وتربى في المدارس التي أشرف عليها رجال الدين، وشكلوا مناهجها لتكوين جيل يؤمن إيمانا أعمى بما يردده رجال الدين ويقدس ما يرونه مقدساً، كما أحاطوا الشعب الإيراني بإعلام هدفه تبجيل القادة، وعدم الخروج عن إرادتهم. وعلاوة على ذلك، أوجدوا النظام العقابي الصارم لكل من تسول له نفسه ويفكر بالخروج عن طاعة ذلك النظام، من خلال تكوين حرس الثورة الإيرانية. وهكذا توهموا أنهم بتلك الخطوات أحكموا قبضتهم على الشعب الإيراني، وظنوا أنه أصبح لا يجرؤ على التفكير بالخروج على طاعة قادة النظام. لذلك، كان هؤلاء يتفاخرون بقولهم ان بلادهم تتمتع بالاستقرار، بينما المجتمعات المحيطة بهم يسودها الاضطراب. ومن ثم أهملوا الشعب في الداخل، واتجهوا لتحقيق أطماعهم الخارجية المتمثلة في تحقيق مشروعهم الإمبراطوري الذي لن يتحقق.
وهكذا بُددت ثروات الشعب الإيراني على تكوين الميليشيات الموالية لنظامهم. وتركوا الشعوب الإيرانية تعاني الفقر والجوع والبطالة، فأتتهم الاحتجاجات من حيث لم يحتسبوا. وخرج الكثيرون الى الشارع بعد أن عرفوا عيوب هذا النظام.
لم تتركز التظاهرات في مدينة معينة، بل انتشر المحتجون في أكثر من 60 مدينة إيرانية، بما فيها قم ومشهد اللتان اعتقد النظام أنهما حاضنة لأيدولوجيته. وهذا يعني أن كل إيران غير راضية عن الحكم الديني، ويريدون حكما مدنيا بسلطات يحاسبها الشعب على أخطائها، ويطالبون بعزل اي مسؤول فيها. ويشكر المسؤول إذا أجاد وتجدد فترته. توقفت الاحتجاجات بعد أن واجهها النظام بقوة وتوقف المحتجون، بعد أن أسمعوا العالم شعاراتهم التي تطالب بالتغيير، فالنظام الديني الذي طبق في العصر الوسيط لا يتلاءم مع العصر الحديث.



1/16/2018
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com