بعد صدور حكم محكمة الاستئناف على 70 شخصية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة وسبع سنوات في ما عرف بقضية اقتحام مجلس الأمة، تساءل الكثيرون: لماذا لم يصدر أي حكم على رئيس مجلس الأمة السابق الأستاذ الفاضل أحمد السعدون، وقد شارك في اجتماعات ساحة الإرادة وألقى خطباً في تلك الليلة؟! وكانت الإجابة التي تسمع دائماً أنه لم يشارك في اقتحام المجلس، ولم يشارك في تظاهرات غير مرخصة، ولم تصدر عنه كلمات مسيئة. ويقال إنه حاول اقناع المشاركين في تلك الاحتجاجات بالابتعاد عن انتهاك القوانين وكل ما يسبب لهم مشكلات ولكنه فشل في اقناعهم. فإذا كان هذا صحيحاً، فهذا يعني أن تلك الجماعة كانت تعرف أنها تقوم بأعمال شغب سيعاقب عليها القانون ومع ذلك أصرت عليه.
ومع احترامنا لتلك الجماعة وتعاطفنا معهم، إلا أننا يجب أن نضع مصلحة الدولة واستقرارها فوق كل اعتبار، وعلينا أن نتذكر ما قامت به تلك الجماعة من أعمال شغب، بعد أن رفضت السلطة مشاريع قوانين تقدموا بها لتغيير مواد في الدستور ليتمكنوا من السيطرة على الدولة. لذا حاولوا إحداث صراع وفتنة داخل الدولة، معتقدين أن بإمكانهم فرض تلك التغيرات بقوة الشارع، فقاموا بتظاهرات ليلية غير مرخصة في المناطق السكنية، واقتحموا المجلس وهددوا أمن الكويت وروعوا شعبها، خصوصاً أن تلك الفتنة تمت في زمن ما عرف بـ«الربيع العربي»، وكانت الفوضى تعم أكثر من قطر عربي، وكانت بعض القنوات تنقل ذلك الشغب وتستضيف ضيوفاً يحرضون على الاستمرار في الفتنة والمواجهة حتى تتحقق الأهداف التي يطالب بها المتظاهرون.
دخلت الكويت في تلك الأيام في نفق مظلم، خصوصاً بعد قيام تظاهرات مضادة لتلك الجماعة، مما أكد ظهور انقسام في الشارع الكويتي، وخرجنا من تلك المحنة بفضل من الله وبحكمة من القيادة وظهور تيارات شعبية تصدت لتوجهات تلك الجماعة، وكان من الطبيعي أن تعرض القضية على القضاء ليحكم فيها.
وأود أن أقول لمن اعترض على الحكم مدعيا أنه حكم على متظاهرين تظاهروا ضد الفساد: القضاء حكم عليهم لاقتحامهم مبنى مجلس الأمة ليلا. واعتقد أن أي مجتمع مطالب بأن يشرع القوانين ليحافظ على أمنه واستقراره من العابثين. ولا شك أن اقتحام مجلس الأمة من قبل تلك المجموعة ليلا بالصورة التي شاهدناها يعد إهانة للدولة واهانة لنظامنا الديموقراطي. وإذا كان ديننا يطالبنا بألا ندخل بيتا إلا بعد استئذان أهله «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا» (النور: 27)، فكيف سمحت تلك الجماعة لنفسها أن تقتحم مبنى البرلمان وتتظاهر فيه؟