الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
اهتمام الاسلام بالحفاظ على المال | رجوع

المال عصب الحياة ومن أهم أسباب تقدم الحضارات. ولا يستطيع أي مجتمع أن يحقق أي تقدم إلا إذا توافرت له الأموال لينفقها على تطوير التعليم والرعاية الصحية والسكنية وبناء المدن والمنشآت الحيوية وتطوير الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري، وتحسين ظروف المعيشة للإنسان بصفة عامة. وقد يتبادر إلى الذهن من خلال الآيات والأحاديث الكثيرة التي وردت في الكتاب والسنة وحثت الإنسان المسلم على الصدقات والزكاة والإنفاق في طريق الخير، وحرمت الربا وطالبت المسلم أن يكتفي بأصل الدين وإذا كان المدين معسرا فعليه أن ينتظر حتى تتيسر حاله، وإن تنازل عن بقية الدين فله أجر أكثر. ومن تلك الآيات، قوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَىٰ مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» – (البقرة: 278، 279، 280).
مثل هذه الآيات التي بالغت في الإنفاق في سبيل الله وتشددت في تحريم الربا، قد تعطي انطباعا أن جمع المال في الدين الإسلامي من الأمور المكروهة والمذمومة، وأن الإسلام لا يعطي أهمية في الحفاظ على المال. إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك، فكما حث الإسلام المسلمين على الإنفاق في طريق الخير طالبهم في نفس الوقت بالحفاظ على تلك الأموال فنهاهم عن الإسراف والتبذير واعتبره من مساوئ الأخلاق التي تعود بالضرر على الإنسان والأمة، يقول تعالى: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» (الأعراف: 31). وفي الحديث: كلوا واشربوا وتصدقوا من غير سرف ولا مخيلة. كما طالب الإسلام المجتمع بالحجر على السفيه الذي لا يقدر قيمة المال وينفقه من دون وعي بأهميته: «ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا». (النساء: 5). فبالرغم من أن تلك الأموال هي أموال السفهاء التي انتقلت إليهم عن طريق الإرث أو لأي سبب آخر، لكنهم لم يحسنوا التصرف فيها. فطالب المجتمع بالحجر على تلك الأموال واستثمارها بطرق جيدة والإنفاق على السفهاء من عائد استثمار تلك الأموال لكي لا تنضب ويتحول أولئك السفهاء عالة على الدولة. وكذلك الحال مع الأيتام الصغار، طالب الإسلام المجتمع بأن يحافظ على أموالهم ويستثمرها لهم وينفق عليهم منها حتى يبلغوا سن الرشد وتختبرهم الدولة، فإذا تأكد أنهم صالحون قادرون على إدارة تلك الأموال دفعوا إليهم أموالهم: «وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم». (النساء: 6).
ومن الأدلة التي تؤكد أن المال في الدين الإسلامي ليس مبغوضا عند الله ولا مكروها بل المال من الأمور النافعة للإنسان والمجتمع. لذلك طلب من المسلمين حفاظا على أموالهم أن يكتبوا الدين ويوثقوه، وأن يختاروا كاتبا عادلا عالما بالأحكام الشرعية والفقه والقانون في طريقة كتابة الدين. وطلب من المدين الذي عليه الحق أن يملي على الكاتب كامل دينه، ليكون إملاؤه حجة عليه واعترافا منه في الدين. كما طالبهم إضافة إلى كتابة المداينة أن يشهد على تلك المداينة رجلان من المؤمنين أو رجل وامرأتان، زيادة منه في الحرص في الحفاظ على الأموال ولكي لا تضيع الحقوق.

د. عبدالمحسن حمادة



9/26/2017
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com