الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
من نتائج الحرب على غزة | رجوع
كشفت الحرب على غزة الطبيعة الإجرامية للعدو الإسرائيلي، فأضافت إلى سجله الحافل بالإجرام جرائم بشعة جديدة. لقد ذكرتنا مشاهد القتل والإبادة بالمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية قبل ستين عاما، والتي لم نشاهدها بل قرأنا وسمعنا عنها. وقد ارتبكت العصابات الصهيونية تلك المجازر في الماضي لإجبار الشعب الفلسطيني على ترك أرضه وممتلكاته لتستولي عليها تلك العصابات وتقيم عليها ما يسمى بدولة إسرائيل. يقول بن غوريون: «لولا دير ياسين ما قامت إسرائيل» أي لولا المجازر التي ارتكبتها تلك العصابات وهدمها لمئات القرى الفلسطينية لما قامت دولة إسرائيل. وحربهم القذرة التي شنوها على غزة هي امتداد لحروبهم العدوانية وجرائمهم الوحشية التي ما زالوا يشنونها على هذا الشعب منذ عقود. فهم مستمرون في ارتكاب مزيد من المذابح لتوسيع دولتهم. فحدودهم لا ترسمها قرارات دولية، بل هي التي يستطيع أن يصل إليها الجندي الإسرائيلي بقوة السلاح. ليطرد منها السكان الأصليين ويقيم فوقها المستوطنات ويجلب إليها المهاجرين.

لقد أرادت المقاومة الفلسطينية تغيير تلك المعادلة، فرأت أن الحفاظ على ما تبقى من أرض فلسطين واسترجاع الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني لا يتحقق إلا بقوة السلاح، ومن ثم بدأت الفصائل المؤمنة بهذه المبادئ تتدرب على حمل السلاح وتستعد للكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني. وفي هذه الاثناء جرت اتصالات واسعة بين دول الاعتدال العربي وواشنطن وتل ابيب والسلطة الفلسطينية لبلورة مشروع، تسوية للقضية الفلسطينية، يرضي واشنطن وتل أبيب لتجاهله حقوق الشعب الفلسطيني كحق عودة اللاجئين والتعويض والقدس، والإبقاء على المستوطنات تحت السيطرة الإسرائيلية. ورأى أقطاب المؤامرة أن نجاح مخططاتهم وتسويقها يحتاج الى إجراء انتخابات للشعب الفلسطيني ظنا منهم أن نتائج الانتخابات ستأتي بأغلبية مؤيدة لعباس المرضى عنه اسرائيليا وأميركيا، وستوافق تلك الأغلبية على المخطط المعد من قبل أميركا وإسرائيل والذي سيصفي القضية الفلسطينية لمصلحة إسرائيل. ثم يعلن للعالم ان هذا هو خيار الشعب الفلسطيني. غير أن فوز حماس أفشل ذلك المخطط فبدأت المحاولات لضرب حماس وتدميرها.

تمت محاربة حكومة حماس من اليوم الأول الذي فازت فيه بانتخابات نزيهة. وخضعت غزة لسياسة الحصار والتجويع لمدة تزيد على عام ونصف العام لإجبار حكومتها على الخضوع للشروط الأميركية ـ الإسرائيلية ولما فشلت سياسة الحصار والتجويع شنت إسرائيل هذه الحرب العدوانية بغطاء أميركي غربي وبتواطؤ مع بعض دول الاعتدال العربي. وعلىالرغم من أن إسرائيل اخفت اهدافها من هذه الحرب ولم تفصح عنها، فإنها كانت تهدف بوضوح الىالقضاء على حكومة حماس والمجيء بحكومة عميلة تنفذ مخططاتها. وكان دحلان وجماعته يشيعون في بعض دول الاعتدال، منذ اليوم الأول للعدوان، معلنين أن هذه الحرب لن تطول وستقضي على حكومة حماس وستدفع الشعب الفلسطيني إلى الثورة على حكومة حماس وتطردها من غزة. وسيعودون مع قواتهم الأمنية الىغزة التي طردوا منها بملابسهم الداخلية.

لكن صمود المقاومة الفلسطينية لأكثر من ثلاثة أسابيع أمام هذا العدوان الوحشي والتفاف الشعب الفلسطيني حول قيادته، أفشل المخطط الصهيوني واضطرت إسرائيل إلى وقف اطلاق النار من جانب واحد، وسحبت قواتها من دون شروط من قطاع غزة. لقد كشفت هذه الحرب الطبيعة الإجرامية للعدو الصهيوني التي حاول أن يخفيها طوال عقد عن أنظار العالم من خلال الدعاية الإعلامية. ودحضت أكاذيبه في تصوير ذاته بأنه دولة ديموقراطية محبة للسلام، وتبين للعالم من خلال تلك المذابح أنها دولة عنصرية. وبدأت شعوب العالم تتعاطف مع الشعب الفلسطيني، وعلى قيادة المقاومة أن تستثمر هذا التعاطف الشعبي العالمي وتوظفه لخدمة قضيتها على المدى البعيد. ولقد فشل العدو في كسر إرادة المقاومة وحملها على تنفيذ شروطه واملاءاته، فالمقاومة لم تنكسر، بل ما زالت إرادتها قوية، كما فشل في تأليب الشعب الفلسطيني على المقاومة عبر الفتك في المدنيين، فازداد تلاحم الشعب مع المقاومة، لا في غزة فحسب، بل حتى في الضفة، وأصبح عباس المنتهية ولايته والمدعوم من اميركا وإسرائيل، مكروها من الشعب الفلسطيني. كما عرت هذه الحرب بعض الأنظمة العربية المتواطئة مع العدو الإسرائيلي، وأصبحت مكروهة من شعوبها. وأعادت هذه الحرب القضية الفلسطينية إلى مركز الصدارة بعد أن كاد العالم يتناساها.


1/29/2009
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com