الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
ماذا بعد تحرير الموصل | رجوع

احتفل العراق قبل أيام بتحرير الموصل من داعش، ولكن علينا أن نتساءل: ما هو داعش؟ هو جماعة إرهابية بدائية ما كان أحد يتصور أنها تتمكن من احتلال جزء من العراق الدولة الكبيرة ذات التاريخ العربي المجيد والجيش الباسل الذي هزم إيران التي كانت تروج لمشروعها الذي  أسموه تصدير الثورة. وأجبرهم على تجرع السم ليتقبلوا التوقيع على هزيمتهم. كانت الموصل قبل احتلال داعش كبرى مدن العراق بعد بغداد. يرابط فيها أكثر من ثلاثين ألف فرد من الجيش العراقي، مسلحين بأسلحة حديثة اشتريت بأكثر من مليار دولار. أما داعش، فكان عدد مقاتليه لا يتجاوز 6 آلاف فرد، لا يملكون سوى سيارات دفع رباعية ومفخخات وألغام وأسلحة خفيفة. إذاً، كيف استطاع داعش وهو بهذا الضعف احتلال الموصل بسرعة؟
كما تردد أن أوامر صدرت من نوري المالكي (رئيس الوزراء في تلك الفترة والقائد الأعلى للقوات المسلحة والأمن) إلى قادة الجيش الموجود في الموصل يطلب منهم الانسحاب فوراً من الموصل، وعدم الاشتباك مع داعش وترك أسلحتهم. فأتاح هذا الانسحاب الممنهج للقوات العراقية أن يستولي داعش على تلك الأسلحة وأموال تقدر بأكثر من مليار دولار كانت موجودة في المصارف العراقية. وتحول داعش بفضل تلك الإمكانات إلى إرهابي متوحش يستورد الإرهابيين ويدربهم ويمولهم وينكل بأهالي الموصل على مدى ثلاث سنوات. أما المالكي، فلجأ إلى  طهران لحمايته من فضيحة تسليم الموصل لداعش. وبالفعل، تمت حمايته ولم يتجرأ أحد على فتح ملف تسليم الموصل. وحل محله العبادي رئيس الوزراء الحالي وهو من نفس حزب المالكي. وقد يختلف معه بالشكل ولكن لا يعرف مدى اختلافه بالمضمون. وقد تمكن من تحرير الموصل من داعش بعد حرب استمرت أكثر من 9 أشهر. بمشاركة قوات التحالف الدولية بطيرانها وأقمارها التجسسية وأسلحتها الثقيلة.
اليوم، أصبحت الموصل بعد تحريرها مدينة مدمرة، وشعبها العربي الأصيل مشرداً، بلا مساكن ولا مدارس ولا مستشفيات ولا شوارع. يبكون على أطلال مدينتهم الثرية الجميلة ذات التاريخ العريق الذي يمتد لأكثر من أربعة آلاف عام، وقد تحولوا إلى شعب فقير لا يملك حتى قوت يومه؟ كما مات آلاف المواطنين المتجمعين في الملاجئ والبيوت.
وفي ظل هذه الظروف، بدأت تظهر أصوات طائفية مقيتة عندما احتفل البعض من الحشد الشعبي بتحرير الموصل برفع صور الخميني وخامنئي، كما لو أنهم يتباهون بانتمائهم لنهج الثورة الإيرانية. ويؤكد بعض الساسة الإيرانيين أن الحشد هو العمود الفقري للقوات العراقية، لذلك يرجعون الفضل في تحرير الموصل إلى قاسم سليماني قائد فيلق القدس في حرس الثورة الإيراني، وطالبوا بإعمار الموصل. كما صرح وزير الدفاع الإيراني بأن العراق أصبح جزءاً من الإمبراطورية الفارسية. وعلى العرب الموجودين على أرضه أن يتكيفوا مع هذا الواقع، أو أن يرحلوا إلى الصحراء التي جاؤوا منها. فكيف إنقاذ العراق من الطائفية والهيمنة الإيرانية؟!

د. عبدالمحسن حمادة



7/23/2017
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com