الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
حاجة الدولة لاصلاحيين | رجوع
 


الكويت بحاجة ماسة إلى جماعة من الإصلاحيين وبصفة خاصة لإصلاح المسار الاقتصادي. وذلك لاعتماد الدولة على مصدر وحيد وناضب للدخل، وهو النفط. ومنذ أن بدأت الكويت بتصدير النفط بدأت الدراسات وخطط التنمية وبرامج الحكومة تدعو لتنويع مصادر الدخل لتخفيف حدة الاعتماد على النفط. وأثبتت نتائج الدراسات التي أجريت عن وجود موانع تحول أن تتحول الكويت إلى بلد صناعي أو زراعي. ومع ذلك شجّعت الدولة سياسة التنويع الصناعي والزراعي، إلا أن إيرادات الزراعة والصناعة ظلت ضئيلة لا تحقق طموح الكويت بإيجاد مصدر آخر يضمن مستقبلا كريما للأجيال القادمة بعد نضوب النفط.
ونتيجة للبحث المستمر عن إيجاد بدائل تضمن حياة كريمة للأجيال القادمة بعد نضوب النفط رأت الدولة أن أفضل الحلول لمعالجة هذه المشكلة يتمثل في إنشاء صندوق الأجيال القادمة. ويتم توفير أموال الصندوق عن طريق اقتطاع جزء محدد من إيرادات النفط في كل عام يوضع في ذلك الصندوق. وبالفعل تم صدور قانون صندوق الأجيال القادمة، وأكد القانون أنه لا يجوز الأخذ من أموال هذا الصندوق إلا بصدور قانون يوافق عليه مجلس الأمة والحكومة. وتم استثمار أموال ذلك الصندوق في مشاريع ناجحة في الدول المتقدمة. وبفضل حسن إدارة ذلك الصندوق وارتفاع أسعار النفط واستثمار أمواله بصورة جيدة أصبح للكويت صندوق سيادي يمكن الاعتماد عليه.
إلا أن مشكلة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية، ورفض كثير من أعضاء مجلس الأمة أن يقتنع بأن هذا الانخفاض يجب أن يقابلهما انخفاض في الإنفاق. لذلك، استمر كثير من الأعضاء بإصدار قوانين ترهق ميزانية الدولة لتحقيق مكاسب انتخابية. كما أن الحكومة من جانبها لم تبادر باتخاذ إجراءات تثبت أنها عازمة على تخفيض كثير من نفقاتها غير المبررة لتكون قدوة يقتدي بها المواطن ليقتنع بأهمية سياسة التقشف.. بل ظلت سياسة الهدر هي الغالبة على سياسة الحكومة المالية. وأدت تلك السياسات إلى ظهور عجز في ميزان المدفوعات يقدر بنحو أكثر من سبع مليارات سنويا.
لا شك في أن استمرار السياسة المالية بهذه الصورة غير المدركة لعواقب الأمور، وتغطية عجز الميزانية من صندوق الأجيال القادمة سيؤدي حتما إلى نضوب الاحتياطي الذي وفرته الدولة للأجيال القادمة خلال سنوات محدودة. هناك جرس انذار خطير يسمعه حتى الأصم، وقال الشيخ ناصر صباح الأحمد وزير شؤون الديوان الأميري في حديث مطول للصحف الكويتية إن دخل النفط بعد أربع سنوات لن يكفي إلا لدفع الرواتب.. («الراي» 2017/6/14). هذه الظروف المالية الصعبة للدولة تتطلب ظهور جماعة إصلاحية تتمتع بسمعة جيدة ومدركة للمشكلة بأبعادها المختلفة، ولديها قدرة على الإقناع؛ لإقناع الحكومة أولا عن الإقلاع عن سياسة الهدر المالي بجوانبه المختلفة، وإقناع الشعب بقبول سياسة التقشّف. لضمان مستقبل مالي جيد للدولة، وحياة كريمة وآمنة للأجيال القادمة.

 د. عبد المحسن حمادة



6/20/2017
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com