كيف تتقدّم الدولة، ولدينا نواب يقدمون مقترحات ومشاريع قوانين مضرّة بالدولة، وتهدد أمنها واستقرارها؟! لذلك، كثرت الانتقادات لأداء هذا المجلس، ووصفه البعض بأنه مجلس بلا إنتاج ومعرقل لكل عمل جاد وبناء.
ومن المستغرب أن يأتي انتقاد أداء المجلس من أعضائه، فشهد شاهد من أهلها، فوصفه بعضهم بأنه قد تحوّل إلى ما يشبه مسرحاً يتسلّى البعض بمشاهدة ما يدور فيه من مشادات وخلافات بين الأعضاء، تصل أحياناً إلى هبوط بلغة الحوار. وقد تصدر عنهم عبارات قد تدل على استخفاف أو جهل بخطورتها.
كما رأى البعض أن المجلس قد تجاهل القضايا الأكثر أهمية. ومن المستغرب أن من ينتقد هذا الأداء من الأعضاء هم من يمارسه في أغلب الأحيان. فما أهم أسباب انحدار أداء المجلس؟ وكيف يمكن إصلاحه؟
يرى البعض أن الرئاسة قد يكون لها دور في ذلك؛ لأنها كان ينبغي أن تمنع مثل تلك الحوارات. والحقيقة أن الرئيس حاول مراراً منع تلك الحوارات، إلا أن الغالبية كانت ترى الاستمرار، وفي هذه الحالة يضطر الرئيس إلى الاستجابة لرأي الأغلبية وفقاً للاعتبارات والأسس الديموقراطية. وكان من المفروض أن يعقد مكتب المجلس اجتماعاً لمعالجة تلك المشكلة.
وقد يكون من أهم أسباب ضعف أداء بعض الأعضاء، قلة خبرتهم وتجربتهم في الحياة البرلمانية والسياسية بشكل عام، خصوصاً أن معظمهم لا ينتمي إلى أحزاب سياسية تساهم في رفع مستواهم السياسي وتؤهلهم لممارسة حياة برلمانية ناجحة.
كما رأى بعض الأعضاء أن هناك طعوناً تطعن في صحة انتخابات هذا المجلس، وأن القضاء سيبتّ في تلك الطعون خلال مايو المقبل. وشكّل هذا العامل هاجساً قوياً لدى النواب، وبدأوا يستعدون للانتخابات الجديدة. وأرادوا أن يتخذوا من المجلس منبراً لبث دعايتهم الانتخابية. وبما أنهم توهموا أن العضو الناجح في نظر الناخبين هو المشاغب وطويل اللسان الذي يهدّد باستجواب الوزراء، سواء كان الاستجواب دستورياً أو لا، مبرراً أو غير مبرر.
وقد يكون اتساع الدائرة الانتخابية من العوامل التي ساهمت في ضعف أداء النائب، لأنها أضعفت الصلة بين النائب والناخب. فحبذا لو تحوّلت الكويت إلى خمسين دائرة انتخابية، وكل دائرة تختار مرشحاً واحداً. ففي هذه الحالة ستكون الصلة بين الناخبين والمرشحين أقوى، وكذلك في حالة فوزهم. ففي هذه الحالة سيسهل اتصال الناخبين بنوابهم. وسيستمع النواب إلى وجهة نظر أهل الدائرة، خصوصاً أصحاب الرأي منهم، وعلى وجه الخصوص في القرارات التي تهم مستقبل الدولة.
د. عبدالمحسن حمادة
