الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
مساومات سياسية غير أخلاقية | رجوع

أقلقت الشعب الكويتي بأسره كثيرا تلك الأخبار، التي تفيد بأن هناك نوابا يطرحون التهدئة مع الحكومة، ويتعهدون بعدم استجواب سمو رئيس الوزراء، في مقابل إرجاع جنسيات تم سحبها من شخصيات مقربة إليهم. إن ما يطرحه هؤلاء النواب، ليس له مثيل في أي دولة في العالم تحترم قوانينها ودستورها. كان حريا بأولئك النواب، إذا كانوا حريصين على مصلحة الدولة وأمنها واستقرارها، أن يتعمقوا بدراسة ملف سحب تلك الجناسي، ويتساءلوا: هل كانت الدولة مخطئة في سحب تلك الجناسي، أم أن أولئك الأشخاص ارتكبوا أخطاء تجعلهم بالفعل لا يستحقون حمل تلك الجنسية؟ حسب ما نعرف أن أغلبهم هدد أمن الدولة، وروعوا شعبها، عندما قادوا تظاهرات ليلية في مناطقنا السكنية مطالبين بتغيير مواد الدستور، ليتمكنوا من الوصول إلى المناصب؟ لقد قاموا بذلك الشغب في زمن ما كان يسمى زورا بالربيع العربي، وهو في الحقيقة زمن الشر العربي، حيث كانت تحاك المؤمرات ضد الوطن العربي، التي أوصلت الإخوان إلى الحكم في أقطار عربية مهمة.
وعلينا أن نسأل أولئك النواب: لماذا لم تسحب الدولة الجنسية من مسلم البراك؟ لأن الدولة تعرف من هو مسلم البراك، إنه ابن هذا الوطن، وعاش آباؤه وأجداده فوق هذه الأرض أيام الفقر وساهموا في بنائها. والدولة لا تسقط الجنسية عن أبنائها، وإذا أخطأوا تعاقبهم، ثم تعيد إليهم حقوقهم. ونحن نتطلع إلى اليوم الذي ينهي فيه أبوحمود العقوبة، ثم يعود إلى العمل ليساهم في بناء وطنه، كما ساهم آباؤه وأجداده.
قد تسقط الدولة جنسيات أشخاص كرمتهم ومنحتهم الجنسية، ظنا منها أنهم سيقدرون هذا التكريم، ويتفانون في حب الدولة. والدولة نفسها أعادت النظر في ذلك التكريم، وعلى أولئك الأعضاء أن يعرفوا أن الكويت ليست الدولة الوحيدة، أو أول دولة تسقط الجنسية عن أشخاص منحوا الجنسية، ثم أثبتوا أنهم خطرون على أمنها. فقد فعلتها فرنسا والبحرين، وقال رئيس وزراء بريطانيا إذا كان الأمر يتعلق بأمن بريطانيا فلا تسألوني عن حقوق الإنسان والديموقراطية.
وعلى هذا الأساس نرى أن ما يطرحه بعض هؤلاء الأعضاء من مساوامات تتعارض حقا مع مبادئ ومصالح الدولة، التي يجب أن يلتزموا بها. ولكن يبدو أن أولئك الأعضاء لا يعطون أهمية للأخلاق في المجال السياسي، اعتقادا منهم أن مصالحهم الانتخابية ومكاسبهم فوق مصلحة الدولة. فهذا أمر خطير لأنهم سيتعاملون مع الدولة والشعب بمبدأ ميكيافيلي، الذي يؤكد أن الغاية تبرر الوسيلة. وهو مبدأ خطير استخدمه كثير من الطغاة لتبرير جرائمهم. ويقال إن هتلر كان لا ينام إلا وكتاب الأمير تحت وسادته، ليقرأه قبل أن ينام، وكذلك فعل موسوليني وستالين وغيرهما من الطغاة الذين قمعوا شعوبهم.
د. عبد المحسن حمادة



3/21/2017
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com