تأمل غالبية الشعب الكويتي أن تكون العلاقة السائدة بين أعضاء مجلس الأمة تتميز بنوع من الالفة والمحبة، ليتعاونوا جميعا في خدمة الوطن والمواطن. ليس من مصلحتهم ولا مصلحة الدولة أن يبدأوا عملهم البرلماني بنوع من الانقسام في ما بينهم. ولا يعني هذا رفضا لمبدأ تعدد الآراء داخل المجلس، فتعدد الآراء وتنوعها أمر إيجابي ومطلوب داخل المجلس وخارجه، والمرفوض هو الصراع والانقسام. وعلى هذا الأساس، قد نرى أن دعوة أحد الأعضاء لمجموعة من النواب إلى مقره قبل جلسة الافتتاح للتشاور في اختيار قيادات المجلس وتجاهل آخرين، اعتقد ان هذا الموضوع قد يكون مرفوضا من حيث المبدأ، لأنه كان من الأفضل ان يتم بحثه داخل قاعة المجلس، كما انه قد ينظر إليه على أساس انه نوع من التعالي على الآخرين. فكأنه ينظر إلى نفسه ومن دعاهم بأنهم هم الوطنيون والذين يستحقون الحوار، وينبغي أن يكون رئيس المجلس ونائبه ممن يحددونه. أما من سواهم فيعتقد أنهم أقل وطنية. ففي هذا نوع من التكبر على الآخر. وهو أمر مكروه، وقد نهى عنه الإسلام، كقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب» (الحجرات: 11).
فإذا كان تجاهل الآخر وازدراء فكره من الأمور المكروهة في حياة الإنسان بصفة عامة، لما ينجم عنها من إثارة الحقد والكراهية، فمن المؤكد أنها ستكون داخل البرلمان وبين أعضائه أشد كراهية ومقتا. لذا نتمنى ألا تترك تلك الدعوة المسائية أي آثار سلبية بين أعضاء المجلس، ونأمل أن تكون النتائج الإيجابية، التي أسفرت عنها جلسة الافتتاح، كفيلة بمحو جميع تلك الآثار السلبية إذا كانت موجودة. ففي تلك الجلسة، حصل الرئيس مرزوق الغانم على ثقة وتأييد غالبية كبيرة من أعضاء المجلس، مما يؤكد أن الغالبية الكبيرة من الأعضاء تضع ثقتها بالرئيس وتؤمن بكفاءته ومهارته وقدرته على تولي هذا المنصب المهم في الدولة. كما أثبتت نتائج تلك الجلسة أن الأصوات العالية التي أثيرت قبل الانتخابات وكانت تحاول تشويه سمعته، كانت ضعيفة ومتواضعة ولم يكن لها تأثير يذكر في نتائج الانتخابات، بل جاءت النتائج، التي أفرزتها صناديق الاقتراع السرية، بعكس ما كان يتمناه الحاقدون. وهنا أثار المتشككون شكوكا أخرى، فمن يتهم الآخر من دون دليل فهو كاذب ومفتر وشاهد زور ويستحق العقاب من الله قبل القانون والمحاكم.
ليسمحوا لنا أن نسألهم: كيف اصطفت طوابير المهنئين ساعات عند مقراته لتهنئته وكان فيهم مسنون وكهول وشباب ورجال ونساء؟ اعتقد لأنه كان شابا مثقفا وكفاءة ومحبوبا، فإذا أحب الله عبده حبب خلقه فيه. وإذا أراد الله نشر فضيلة طويت أثار لها لسانا حسودا.
لقد اثبت الرئيس الغانم أثناء إدارته الجيدة لجلسة الافتتاح، انه أهل لثقة المواطنين الذين انتخبوه وغالبية أعضاء المجلس والحكومة الذين رشحوه لرئاسة المجلس، إذ كان محايدا ومنفتحا على الجميع، المؤيد والمعارض.. نسأل الله التوفيق له في مهمته الصعبة.
د. عبدالمحسن حمادة