برلمانيو الكويت بين الأمس واليوم | رجوع
أثناء فترة الترشيح للانتخابات للمجلس الجديد، استمعت لأحد المرشحين لأكثر من مرة، وهو يشرح القضايا التي سيتناولها في المجلس في حال فوزه في الانتخابات. ولما انتهى من طرحه وسأل إذا كان أحد الحضور لديه أي تعليق على كلامه قلت له؛ استمعت إليك لأكثر من مرة وبالرغم من إعجابي بآرائك وتمنياتي لك بالفوز لتقنع زملاءك الأعضاء بتلك الآراء لحاجة الدولة لها. فإنني مع الأسف وجدتك تركز على الاقتصاد لا تخرج عنه. أجابني ان تخصصه الاقتصاد ولا يرغب أن يتحدث عن موضوع آخر ليس من تخصصه. أود أن أقول له ولكل مرشح أو من فاز في الانتخابات ان أعضاء المجلس ليسوا كأعضاء هيئة تدريس في التعليم العالي أو مدرسين في أي مرحلة من مراحل التعليم يهتمون بمادة تخصصهم ويتجاهلون مشاكل الإنسان والدولة الأخرى. بل حتى المدرسون نرى فلاسفة التربية المهتمين بإعداد مناهج المعلمين يرون ان المعلم الناجح هو ذلك الإنسان الملم بمادة تخصصه وفي الوقت نفسه يجب أن يملك ثقافة مهنية تمكنه من فهم مشاكل الأطفال أو الشباب الذين يحتك بهم والمسؤول عن تنمية فكرهم وسلوكهم. كما يجب أيضا أن تكون لديه ثقافة عامة تعينه على فهم مشاكل الدولة والعصر الذي يعيش فيه.. وقد يكون الدكتور أحمد الخطيب خير مثال للبرلماني الناجح، حبذا لو اقتدى به الكثيرون.. عاد إلى بلده الكويت في أوائل الخمسينات بعد أن أنهى دراسته كطبيب من الجامعة الأميركية في بيروت. ومن خلال احتكاكه بالمواطنين أدرك أن غالبيتهم تقريبا لا يعرفون شيئا كثيرا عن الديموقراطية ولا عن حقوق المواطن السياسية والاقتصادية. استنكر تلك الأوضاع وأراد أن يلفت نظر المواطنين لأهمية تلك الحقوق ويقنعهم بضرورة التغيير والمطالبة بتلك الحقوق. واستطاع من خلال شجاعته ووطنيته ومواهبه السياسية والخطابية واتصالاته أن يختار مجموعة من الشباب ويقنعهم بأهمية الإيمان بتلك الأفكار والالتزام بها والسعي الى تحقيقها. وكان من قادة ذلك التنظيم أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الاستاذ المرحوم جاسم القطامي، فقد كان عروبيا وطنيا ولا يقل كفاءة عن د. الخطيب، والمرحوم عبدالمحسن الدويسان والمرحوم سامي منيس والمرحوم عبدالله زكريا، والاستاذ عبد الله النيباري وراشد التوحيد. لقد كان لهذه المجموعة دور فعال في إحداث تغيرات سياسية إيجابية مهمة في الكويت، فقد عملوا مع مجموعات أخرى تحب الوطن على إقناع الحكومة والشعب بضرورة أن يكون للمواطن مشاركة فعلية في صناعة القرارات المصيرية المتعلقة بمصير الإنسان والدولة. فأثمرت تلك الجهود ميلاد الدستور ومجلس الأمة. ولما أصبحوا أعضاء في المجلس ناقشوا جميع القضايا التي تهم الدولة؛ كالاقتصاد والتعليم والسياسة الخارجية والعلاقات مع الدول ومستقبل الأجيال القادمة ومشاكل التنظيم الإداري. وقد تكون لهم بعض الأخطاء فهم بشر. يصيبون ويخطئون. ونتمنى من الشباب البرلماني دراسة تلك التجربة بإيجابياتها وسلبياتها ليستفيدوا من تلك التجربة ويساهموا في تطوير نظامنا الديموقراطي ما أمكن. د. عبدالمحسن حمادة
12/6/2016
|