الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
اهمية تشحيع التحارة للنهضة | رجوع

لا يستطيع أي مجتمع أن ينهض من دون ازدهار التجارة الداخلية والخارجية فيه. ومن أهم عوامل ازدهار التجارة: الثقة بالتجار ومنحهم التسهيلات اللازمة التي يحتاجونها من أراض وخدمات صحية وكهربائية واتصالات ومحاربة البيروقراطية والقوانين المكبلة التي تثير الملل لدى رجال الأعمال وربما تدفعهم إلى الهجرة بأموالهم وخبرتهم إلى دول أخرى. قد يجدون فيها فرصة وتشجيعا على تنفيذ المشاريع التي كانوا يحلمون في تنفيذها في دولتهم، والتي تمت عرقلتها في بلادهم. وعندما تتقدم تلك الدول التي هاجروا إليها، ويكون أهم أسباب تقدمها يعود الفضل فيه إلى المشاريع التي أقامها رجال أعمال كويتيون وبفضل التسهيلات والتشجيعات التي منحتها تلك الدول لرجال الأعمال. وخير مثال على ذلك المشاريع التي أقامها رجال أعمال كويتيون وغيرهم في دولة الإمارات وخاصة دبي.
عندئذ نتساءل عن أسباب تقدم بعض دول الخليج وتأخرنا. وقد يصبح النقد غير مقبول إذا جاء ممن ساهم في تعطيل المشاريع التجارية. وأخص بالذكر بعض أعضاء مجلس الأمة السابقين. وذلك لاعتقاد بعضهم أن هناك تحالفا بين بعض التجار والحكومة، وظنوا أن هذا التحالف أضر بالطبقة الفقيرة، وظنوا أن خير وسيلة للإصلاح تكمن في تدمير تلك العلاقة، وإقصاء رجال الأعمال عن المناصب القيادية وتقليص دورهم ونفوذهم ما أمكن، وكأنهم يخططون لخلق طبقة جديدة لتحل محلهم. ومن ثم بدأ بعضهم يثير تصريحات مسيئة لسمعة التجار. وبدؤوا بتشريع القوانين التي تحد من النشاط التجاري وتعرقل قيام كثير من المشاريع التي تهدف إلى نهضة الكويت وتجميلها.
واتهم بعضهم التجار بالجشع ورفع الأسعار لتحقيق أرباح طائلة، وطلبوا من الدولة التدخل وتحديد هامش الربح لهم. وقد لا يدري أن تدخل الدولة في الشؤون التجارية قد يلحق ضررا بالتاجر والمستهلك على حد سواء. ولنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة، فيقال في الحديث ما معناه، أن الأسعار ارتفعت في عهد النبي (ص) فقالوا للرسول سعر لنا، فقال: إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق. ورفض التدخل في تحديد الأسعار. ومن هنا رأى المشرعون أن الأصل في الأسعار شرعا عدم التحديد، ويترك الناس أحرارا يبيعون ويشترون دون التدخل في تعاملاتهم بفرض سعر أو هامش محدد من الربح. ويصدق على ذلك قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل،إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم»، النساء، 29. فحدد التراضي بين البائع والمشتري لتتم صيغة البيع. وفي آية أخرى لما طلب الإسلام من المسلمين كتابة العقود وتوثيقها استثنى أعمال التجارة قائلا: «ولا تسأموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله ذلك أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها وأشهدوا إذا تبايعتم»، (البقرة،282.) .
من هنا نرى أن الإسلام صحيح أنه حرم بعض التعاملات التجارية كالربا والغش والتدليس والاحتكار، ولكنه في نفس الوقت أعطى هامشا واسعا من الحرية للتجار ليبيعوا ويشتروا دون تدخل من الدولة. وكانت تلك الحرية من أسباب ازدهار التجارة في أواخر عهد الخلفاء الراشدين والعصرين الأموي والعباسي، وكانت من أهم أسباب تكوين الحضارة الإسلامية وانتشار الإسلام في بقاع واسعة من الأرض.
لذلك نتمنى ممن ينتقد الدولة لأنها رفعت أسعار البنزين على الشعب وخفضته عن الطيران، فعليه أن يدرك أن التاجر الذي غامر بمئات الملايين ليريح المسافرين، يستحق الدعم.
د. عبد المحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com

 



10/30/2016
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com