الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
زمن القرصنة الامريكية | رجوع

إن قانون العدالة ضد الدول الراعية للإرهاب بالصورة التي أقر فيها من مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين المقصود فيه الاستيلاء على الاستثمارات السعودية الموجودة في الولايات المتحدة بالقوة.. ويحاول الرئيس أوباما باستخدامه الفيتو ضد ذلك القانون التظاهر بأنه مختلف مع ذلك القرار. ولكن الشواهد تؤكد أن إدارته ساهمت في تلك الخطوة المثيرة للشك. من أهمها أنه قبل فترة بدأت اتصالات بين واشنطن وطهران أسفرت عن توقيع الاتفاق النووي مع طهران. ومن ثم بدأ التقارب بين الدولتين، فلم تعد واشنطن تسمي طهران دولة الشر. وتوقفت طهران عن تسمية أميركا بالشيطان الأكبر، وبدأ البيت الأبيض يعدل من مواقفه المبدئية من العداء لإيران، وأرادا أن يجعلا العدو المشترك بينهما الحركات الجهادية السنية المسلحة مثل «القاعدة» و«داعش». وبدأ التغزل الأميركي بإيران ووصف نظامها بأنه نظام طيب وقد يلعب دورا جيدا في استقرار المنطقة وتحقيق السلام. ورأت واشنطن أن إرهابيي 11 / 9 لم يأتوا من إيران بل كانوا سعوديين. وتعامت أميركا عن العمليات المنسوبة إلى منظمات موالية إلى إيران، كاختطاف الطائرات والرهائن واحتلال السفارات والتفجيرات وأصبحت لا ترى فيهم إلا كل جميل. ويصدق عليهم قول الشاعر:
عين الرضا عن كل عيب كليلة … ولكن عين السخط تبدي المساويا
وهكذا بين عشية وضحاها أصبحت إيران من وجهة نظر أميركا دولة صديقة، ومن الممكن أن تكون لاعبا أساسيا في رسم الخريطة الجديدة لمنطقة الشرق الأوسط ودول الخليج بالصورة التي تتبناها أميركا، وستتعاون معها كما تعاونت معها في احتلال العراق وأفغانستان. وأصبحت أميركا لا تخشى رد فعل الدول العربية لأنها برأيها، دول مبعثرة ولا حول لها ولا قوة.
لمثل هذه الأسباب أقرت أميركا هذا القانون الظالم مع علمها بتعارضه مع القانون الدولي، وتجرمه الديانات السماوية والقوانين الوضعية. لأنها لا تجيز معاقبة شخص لجريمة ارتكبها أحد أقاربه أو معاقبة دولة لجريمة ارتكبها أحد رعاياها، خصوصا إذا كان المجرم الذي ارتكب الجريمة خارجا عن سيطرتها.
أما بالنسبة لـ «القاعدة» الذي تحمله أميركا مسؤولية أحداث 11/9، فمن المعروف أن أميركا هي التي صنعت «القاعدة» وكانت تستقبل قادته في البيت الأبيض وتسميهم المجاهدين. وحاربت به الاتحاد السوفيتي وساعدها على تفكيكه وانهياره. ومن ثم تركته أميركا من دون معالجة، بالرغم من أن أميركا من أكثر الدول قدرة على معالجته من الوحشية التي وصل إليها. وبذلت السعودية جهدا لإصلاحه ولكنها لم تستطع. وبدأت شن حرب ضده وأسقطت الجنسية عن بن لادن وجماعته منذ عام 1995، ولما ذهب إلى السودان ضغطت على حكومة الخرطوم لطرده.
بعد هذا الجهد الذي بذلته السعودية لمكافحة الإرهاب والتعاون الوثيق مع الولايات المتحدة طيلة تلك العقود كافأتها أميركا بإصدار ذلك القانون الظالم الذي يستهدف الاستيلاء على استثماراتها الموجودة في أميركا. معتمدة على قانون القوة، فأميركا لديها أقوى جيش في العالم ولا غرابة في هذا التصرف، فهي طوال تاريخها معتادة على الاغتصاب. ألم تغتصب أرض أميركا من الهنود السكان الأصليين وأظهرتهم بمظهر المعتدين؟! وتعلم واشنطن ان تلك الثروة أمانة في أميركا بعد أن اقنعت الدول العربية بأن أميركا أفضل مكان لاستثمار تلك الأموال، وهي الآن تخون الأمانة وهي من أكبر الجرائم.

د. عبدالمحسن حمادة



10/18/2016
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com