عقوبة الاعدام من العقوبات القاسية، وقد ألغت دول منظمة الاتحاد الأوروبي تلك العقوبة من قوانينها اعتقادا منها أنها عقوبة همجية لا تتناسب مع حضارتها الحديثة. ولذلك اشترطت لقبول تركيا عضوا في منظمة الاتحاد الأوروبي إلغاء عقوبة الإعدام من قوانينها. ومع احترامنا وتقديرنا لوجهة نظر دول الاتحاد الأوروبي إلا أننا نعتقد أن تلك العقوبة مازالت ضرورية للحفاظ على حياة الإنسان وأمن المجتمعات من المجرمين والعابثين بأمن الدولة. ولقد أقرت الديانات السماوية بما فيها الإسلام عقوبة الإعدام لردع المجرمين من ارتكاب الجريمة «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون» البقرة 179. أي أن المجرم إذا عرف أنه سيقتل إذا ارتكب تلك الجريمة فقد يمتنع عن الإقدام عليها وفي هذا حفاظ على حياته وحياة من أراد قتله.
ولكن الدين الإسلامي والقوانين الوضعية لما أيدت عقوبة الإعدام جعلتها في أضيق الحدود، واشترطت لتنفيذها وجود أدلة مؤكدة للتأكد المطلق من المسألة، وعند وجود أي شك أو شبهة يجب إيقاف تنفيذ العقوبة. فاشترطت وجود حكومة عادلة وقضاء نزيه مستقل لا يتأثر بالأهواء السياسية وإعلام الدولة. وأن يعطى للمتهم حقه في الدفاع عن نفسه واختيار محاميه وحقه في الاطلاع على صحيفة الدعوة الجنائية لمعرفة الجريمة التي يتهم بارتكابها والأدلة المتوافرة أمام القاضي التي تثبت إدانته، وفي حديث للرسول (ص) بما في معناه «ادرؤوا الحدود عن المسلمين بالشبهات ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة» وهو المنهج الذي سار عليه أصحابه. قال عمر (ر) «لأن أعطل الحدود بالشبهات أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات»
فحياة الإنسان وحقوقه كانت محفوظة ومصانة في المجتمع الإسلامي، ولا يجوز الاعتداء على تلك الحقوق وانتهاكها إلا في الحدود التي أوضحتها الشريعة الإسلامية. ومن المقاييس التي يقاس عليها تقدم الدول ورقيها في مجتمعاتنا المعاصرة، ما تقدمه تلك الدول من احترام لحقوق مواطنيها السياسية والثقافية والاجتماعية والشخصية.
وهناك بعض الدول في عصرنا الحاضر متهمة بانتهاك حقوق الإنسان وارتكاب جرائم في مجال حقوق المواطنين خصوصا من يطلق عليهم الأقليات، بالرغم من إنهم ليسوا أقليات كما تدعي دولهم، بل مواطنين يمثلون أحيانا غالبية السكان، عاشوا فوق تلك الأرض آلاف السنين. ولكنهم يتعرضون للإعدام بعد اخضاعهم لمحاكم صورية، وكل جريمتهم أنهم قاموا بتظاهرة سلمية احتجاجا على سياسة التمييز العنصري الذي تمارسه حكوماتهم. ولقد مارست هذه الحكومات سياسة الاعدامات الجماعية. حيث تم إعدام الآلاف بتهم أغلبها ملفقة ولدوافع سياسية بحتة. وتصرفاتهم تذكرنا بالقول: «إذا لم تستح فافعل ما شئت».