الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
حروب روسيا | رجوع

حروب روسيا

عبدالمحسن-حمادة-2

«وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ» (البقرة:190). يرى المفسرون أن هذه الاية أول اية نزلت في القرآن تطالب المسلمين بقتال من يعتدي عليهم وتنهاهم في الوقت نفسه عن البدأ بالعدوان. ويرى المفسرون أن هذه الآية منسوخة بآيات أخرى تطالب المسلمين بقتال المشركين حتى يدخلوا الإسلام. ونعتقد أن معنى هذه الآية يصلح ليكون مبدأ أخلاقيا لتكوين الجيوش الوطنية في العصر الحاضر. فالهدف من تكوين الجيش ينبغي أن يكون للدفاع عن الوطن وليس للتوسع أو غزو أراضي الآخرين. هذا الهدف أصبح متعارفا عليه في العصر الحديث، وبصفة خاصة بعد نهاية الحرب الثانية وتأسيس منظمة الأمم المتحدة، التي نصّت قوانينها على احترام السلم والأمن الدولي، وتجريم العدوان ووجوب التصدي للمعتدي وردعه، لكي لا يتعرض السلم العالمي للخطر. فالبشرية، بعد أن عانت من مآسي وأهوال الحرب العالمية الثانية، أسست الأمم المتحدة، وابتكرت القوانين الدولية لتجنيب العالم الانزلاق في الحروب مرة أخرى.
ومن المعروف أن روسيا هي إحدى الدول العظمى التي خرجت من تلك الحرب منتصرة، وساهمت مساهمة فعّالة في تأسيس الأمم المتحدة وصياغة مواثيقها الدولية. فكان من المفروض أن تكون في مقدمة الدول التي تراعي احترام قوانين تلك المنظمة وتدافع عنها. وإذا تساءلنا عن سبب دخول الجيش الروسي، وهو ثاني أقوى جيش في العالم، في الحرب الدائرة في سوريا، شعب ثائر على نظام مستبد، حكم السوريين لأكثر من نصف قرن بالحديد والنار، فما الداعي للتورط الروسي بسلاحه الجبار، لا سيما بعد تردد أنباء عن وقوع ضحايا من النساء والأطفال وتدمير المنشآت المدنية من مستشفيات ومدارس ودور عبادة؟ وأن تقلع طائراته العملاقة الاستراتيجية من مطارات إيرانية وهي مزوّدة بالأسلحة الثقيلة الفتاكة؟
هل يرضى الجيش الروسي العظيم أن يلعب هذا الدور؟ أليس من الواجب أن تناقش قيادته أسباب الدخول في هذه الحرب؟
لعلي أتذكر عندما أصدر الرئيس السادات بعض القوانين الاقتصادية وثار الشعب عليها، وطلب من الجيش التدخل لحفظ النظام، طلب قادة الجيش منه إلغاء القوانين غير العادلة.
وفي حرب فيتنام، وقف كثير من المثقفين والمفكرين الأميركيين والجامعات ضد تلك الحرب وطالبوا بوقفها. فلماذا لا نسمع أصواتا في روسيا تندد بتلك الحرب؟ ألم يأخذ الشعب الروسي درسا من الحرب الأفغانية، وكيف أدت إلى انهيار الاتحاد السوفيتي؟ اليوم روسيا على ما اعتقد تكرر الخطأ نفسه، تحارب شعبا تتعاطف معه معظم دول العالم ما عدا إيران وميليشياتها.

د. عبد المحسن حمادة



8/21/2016
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com