
عيد بأي حال عدت يا عيد؟ مرت علينا منذ أيام مناسبة عيد الفطر المبارك، فهل نفرح بهذه المناسبة أم نحزن للأوضاع السيئة التي تمر بها أمتنا، وهي تواجه حربا منذ أكثر من خمس سنوت، التي نعتقد أن دول اقليمية ودولية وميليشياتها هي التي تشنها من جهة، وكذلك المنظمات الإرهابية من جهة أخرى.
والحرب ضد الإرهاب من أبشع أنواع الحروب وأشدها تدميرا للدول والشعوب، خاصة إذا كان الإرهاب الذي نواجهه مجهول الهوية والمنبع والتمويل.
نعتقد أن الإرهاب قد نشأ في المنطقة، عندما أعلن رئيس وزراء العراق السابق نوري المالكي أن سجناء خطرين فروا من السجن، وكذلك أعلن نظام الأسد، وهما نظامان يُعتقد أنهما مواليان لإيران. ومن هؤلاء السجناء تكونت قيادة منظمة داعش الإرهابية. وبعد فترة وجيزة قد لا تصل إلى شهر تمكنوا من السيطرة على أراض شاسعة من سوريا والعراق مملوءة بالثروة الحيوانية والمالية والزراعية والأسلحة الثقيلة والنفط والماء، أراض وثروات لم يدافع عنها المالكي والأسد، بل تركاها للإرهاب، وقدرت الثروة المالية التي استولى عليها الإرهابيون من مصارف العراق بما يقرب من مليار دولار، وكذلك تقدر قيمة الأسلحة الثقيلة الجديدة التي أصبحت بحوزتهم، وتمكنوا من بيع النفط بالسوق السوداء وحصلوا على أموال.
وهكذا أصبح للإرهاب دولة ومال وإعلام، وتعمدوا على الظهور بوسائل الإعلام بصورة بشعة، خارجين على كل الأعراف والقوانين الدولية، بقصد تشويه سمعة الإسلام، عرضوا على شاشات التلفزيون اعدامات لأسرى أوروبيين وأميركيين بصورة مخيفة من دون محاكمة، أثارت سخط الرأي العام الأوروبي والأميركي. واغتصبوا النساء، وبدا الرأي العام يضغط على الحكومات الأوروبية والأميركية، ويطالبها بمحاربة ذلك الإرهاب، واقتلاعه من جذوره، قبل أن يصل إلى مجتمعاتهم. وأطلقت عليهم ايران ونصرالله صفات مختلفة، مثل التكفيريين، ليعطوا لأنفسهم مبررا للذهاب إلى سوريا، بقصد محاربة معارضي النظام والمحافظة على نظام دكتاتوري. وتشكل تحالف دولي لمحاربة ذلك الإرهاب، وتحركت روسيا للدفاع عن نظام الأسد. ولما رفضت تركيا المشاركة في محاربة الإرهاب من دون الإعلان عن إسقاط نظام الأسد، تعرضت لانفجارات ثم الانقلاب الفاشل.
وهكذا بدأ العالم يركز على الإرهاب وكيفية مواجهته والقضاء عليه، وتناسى الجرائم التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه، والجرائم التي ارتكبتها ميليشيات الحشد الشعبي الموالية لإيران في أثناء المعارك الدائرة حتى الآن. ويبدو حتى الآن أن الحلف الإيراني السوري هو المنتصر في تلك الحرب. ومع ذلك نعتقد أن إيران لم تصنع ذلك، حتى لو كانت مستفيدة منه؛ فهو أكبر من إمكاناتها وقدراتها، كما أن الحرب لم تضع أوزارها حتى الآن، فمن صنع الإرهاب قد يظهر في نهاية الحرب ويتدخل في المنطقة ويرسمها وفق مصالحه.
د عبد المحسن حمادة