
استمرت الميليشيات، التي يبدو لنا انها تتلقى الأوامر من طهران في خرق الهدنة، وعدم الالتزام بها في كل من سوريا واليمن؛ فمن المؤسف أن يدعي بعض ساسة طهران أن القرار في أربع عواصم عربية أصبح في يدها، وهي سوريا ولبنان والعراق واليمن. وبرأينا، ترغب إيران في أن تستمر الأوضاع في تلك الدول على ما هي عليه، لتتمكن من السيطرة على المنطقة. وسارعت إيران الى دعم الميليشيات المسلحة التي كانت مستعدة بدورها، لتقاتل لتحقيق أهدافها، وعجزت تلك الدول في ظل تلك الظروف عن تحقيق التنمية والتطلع لبناء مستقبل مشرق لابنائها، وإذا لم تحدث معجزة وإنقاذ تلك الدول من تلك المحنة، فإنها ستتعرض لانهيار كامل سياسيا واقتصاديا وثقافيا يصعب أن تقوم بعده.
من المؤسف أن تلك الدول التي دخلت التاريخ قبل الإسلام بقرون، وازدهرت فيها الحضارة، وتنعم بثروات اقتصادية وبشرية هائلة، معرضة لانهيار اقتصادي بسبب التدخل الإيراني في شؤونها. دولة كالعراق، يملك الثروة البشرية والنفطية والمائية والزراعية الهائلة، يعيش شعبه على هامش الفقر. ودولة كسوريا، عاصمة الأمويين وصاحبة الحضارة العريقة، تعيش في ظل حرب أهلية لأكثر من خمس سنوات، يعجز العرب عن وقفها. استعان حاكمها بإيران، التي كانت تنتظر هذه اللحظة لتتدخل بالشأن السوري. فبدأت تحرض الشباب في كل مكان تحت شعارات مذهبية.
ويعلم الساسة الايرانيون أن تلك المراقد التي يريدون حمايتها، كانت موجودة أثناء الدولة الأموية، ولم يتعرض لها أحد بسوء، بل كانت تحظى برعاية واحترام الجميع. ولكن هدفهم كما يبدو تبرير تدخلهم في شؤون هذه الدول. فيما تحاول الأمم المتحدة فرض هدنة، ولكن الميليشيات المدعومة من ايران تنقضها في كل مرة لتحقق نصرا نهائيا على المعارضة.
أما التدخل الإيراني في اليمن، فكان من خلال خلايا الحوثي، التي زرعها في اليمن، لتساعدها لتكون لها مكانة مهمة في اليمن. وهكذا أصبح التدخل الإيراني محيطا بالمنطقة العربية، وازداد سوءا بعد التدخل الروسي إلى جانب التحالف الإيراني، والموقف الضعيف من الرئيس أوباما.
في هذا الوقت العصيب ظهر الموقف الشجاع لخادم الحرمين الملك سلمان، ليدافع عن أمته بكل شجاعة وبسالة. بالرغم من إدراكه للأخطار التي ستتعرض لها الدولة السعودية. فجزاك الله خيرا عن كل ما تفعله وفعلته لأمتك، وأود أن أختم المقال بهذين البيتين:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم*** وتأتي على قدر الكرام المكارم
وتكبر في عين الصغير صغارها*** وتصغر في عين العظيم العظائم
هذا ما قاله أبو الطيب المتنبي في مدح سيف الدولة، لمحاربته الروم دفاعا عن الإسلام. وكم كنت أتمنى لو كنت شاعرا لمدح الموقف العظيم لخادم الحرمين في دفاعه عن أرض العرب.
د. عبدالمحسن حمادة
d_hamadah@hotmail.com