
يعيش العرب حالة توتر وبعض الحروب.. فقد اضطرت السعودية أن تدخل في حرب مع ميليشيا الحوثي.. لا أحد يحب الحرب ولا اي مجتمع يتمناها لما ينجم عنها من مآس وخسائر بشرية واقتصادية فادحة. ولكن عندما تفرض عليك يجب مواجهتها وعدم الفرار منها، لأن الفرار منها أكثر ضررا من مواجهتها. هذا ما قامت به السعودية عند دخولها في حرب مع ميليشيا الحوثي. خاصة بعد أن بدا بعض قادة طهران يتباهون ويكررون في تصريحات متتالية أنهم أصبحوا يسيطرون على القرار في أربع عواصم عربية، وأن نفوذها سيمتد إلى مكة والمدينة.
عندئذ أدركت السعودية خطورة تدخلات إيران ومخططاتها التوسعية في المنطقة العربية. وأدركت ضرورة مجابهة ذلك المخطط وإجهاضه مهما كلف من تبعات، ولن تستطيع الأمة أن تواجه إيران وطموحاتها وتحالفاتها، إلا وهي مجتمعة موحدة الكلمة والصف. فهي بحاجة إلى قيادة شجاعة ذكية مخلصة، هذا ما حاول أن يقوم به العاهل السعودي خادم الحرمين الملك سلمان. من خلال إقامة تحالف عسكري بين الدول الإسلامية وتفعيل ميثاق التعاون الإسلامي الذي يشدد على احترام السيادة الوطنية لجميع الدول الأعضاء واستقلالها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وهو الأمر الذي تخترقه إيران بصورة مكشوفة من خلال تدخلاتها المتكررة في شؤون كثير من الدول الأعضاء لتحقيق أطماعها.
ولعل أهم خطوة قام به العاهل السعودي زيارته لمصر، فمصر دولة محورية في المنطقة لا يمكن الاستغناء عنها في السلم والحرب. قد تحاول مصر، بعد قلاقل 25 يناير وما تواجهه من إرهاب، أن تتفرغ لمعالجة مشاكلها الداخلية. ولا يستطيع أحد أن يلومها على ذلك. ولكن الاخطار التي تواجه الأمة العربية تحتم على مصر أن تكون في مقدمة الدول التي تواجه تلك الأخطار. فأمن مصر القومي جزء من المحيط بها تاريخيا وجغرافيا. ساهم العاهل السعودي أثناء زيارته لمصر في مشاريع اقتصادية واجتماعية، من أهمها جسر الملك سلمان الذي سيكون من أكبر الجسور في العالم ومعبرا بريا مهما يربط بين آسيا وأفريقيا، وسيكون له مردود اقتصادي واجتماعي وثقافي كبير. ثم انتقل العاهل السعودي إلى تركيا. نرجو أن يوفق العاهل السعودي في إصلاح العلاقات بين مصر وتركيا. فأنقرة والقاهرة والرياض من العواصم الكبرى في المنطقة نتمنى أن تسود علاقات الود بينها لتتفرغ المنطقة لمواجهة التدخلات الإيرانية. حتى إيران من الدول الكبرى والمهمة في المنطقة نتمنى أن تهتم بالتنمية ونشر علاقات الود بينها وبين دول الجوار، لتنمو المنطقة وتزدهر.
د. عبد المحسن حمادة