الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى..» | رجوع
«وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى..»
">
مبدأ مهم من مبادئ العدالة الإسلامية، ومعناه أن كل إنسان يتحمَّل مسؤولية عمله ويحاسب على أخطائه. قال الرسول (صلى الله عليه وسلم) مخاطباً فاطمة: يا فاطمة بنت محمد، أنا لا أغني عنك من الله شيئاً، يا عباس عم رسول الله أنا لا أغني عنك من الله شيئاً، لا يأتني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم. من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه. يعني كل إنسان وحده محاسب عن أعماله ولا يتحمّل إنسان حمل آخر. هذا الكلام البليغ تفسير واضح لمعنى الآية. فكل إنسان محاسب أمام الله تعالى، ثم القانون عن أعماله. فلا تجوز محاسبة إنسان عن جريمة أحد أقاربه أو أصدقائه.
هذا صحيح بالنسبة إلى الجرائم العادية التي ترتكب يومياً. ولكن عند حدوث جريمة بشعة لها تأثيرات سلبية في الرأي العام، فقد يختلف الوضع، فمثلاً لما ذهب قبطي مصري إلى عمر (رضي الله عنه) يشكو ابن عمرو بن العاص والي مصر الذي ضربه بالسوط، لأنه سبقه في السباق، قائلاً له: هذا جزاء من يسبق ابن الأكرمين. فاستدعى عمر عمرو وابنه إلى المدينة، فأسمعهما شكوى المصري، فلما تأكد أنها صحيحة أعطى المصري سوطاً وطلب منه أن يضرب ابن الأكرمين، ثم طلب منه أن يضرب أبا ابن الأكرمين، لأنه لو ربّى ابنه التربية الصالحة لما تجرّأ على ارتكاب مثل تلك الجريمة.
ولكن المصري ارتعشت يده ولم يستطع، وقال لعمر: لقد أخذت حقي. وقال عمر لعمرو: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!». وهنا نرى أن عمر تجاوز القاعدة الشرعية ظناً منه أن تلك الجريمة لها تأثير سلبي في الرأي العام. فمصر حديثة عهد بالإسلام، فقد يظن المصريون أن ولاة المسلمين لا يختلفون عن ولاة الرومان، من حيث الاستبداد والطغيان، وأراد عمر أن يثبت غير ذلك.
وفي جريمة باريس البشعة، أعلن الرئيس الفرنسي حالة الطوارئ في فرنسا لمدة ثلاثة أشهر، وأيّد البرلمان إعلان حالة الطوارئ التي قد تنتهك فيها بعض الحريات ويتم اعتقال المشتبه بهم من دون إذن من القضاء، وأغلق بعض المساجد وسحب جنسيات من يشتبه بهم، وأيّد البرلمان تلك الخطوات، حفاظاً على أمن فرنسا.
وفي الحادثة المؤسفة التي دهس فيها مواطن كويتي شابّاً مصرياً فقتله وأصاب اثنين آخرين، وكان الكويتي قاصداً القتل متعمداً، لينتقم من المصري بسبب مشاجرة دارت بينهما. ومن المؤسف أن بعض الإخوة المصريين، سواء مقيمون في الكويت أو في مصر، نظروا إلى تلك الحادثة الفردية على أساس أنها صفة عامة ووصفوا الكويتيين بشكل عام بأنهم متعالون على الوافدين، وينتهكون حقوقهم.
وهذا ما صوّره الإعلامي وائل الإبراشي في أحد برامجه، بينما استنكر بعض الإعلاميين المصريين تلك الحملة ضد الكويت، مؤكدين أن الكويت دولة صديقة لمصر منذ عقود. وقفت إلى جانب مصر منذ عقود في كل أزماتها. ونظروا إلى الموضوع على اعتبار أنه عمل فردي ومشاجرة قد تحدث في أي مجتمع؛ لذا نعتقد من الحكمة عدم إطلاق الأحكام العامة على شعوب أو مجتمعات لمجرد أحداث فردية.


د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com



11/26/2015
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com