ليست الشماتة من شيم الأخلاق ولا من مكارمها، وقد تعوّذ الرسول صلى الله عليه وسلم من شماتة الأعداء، ولها آثار سيئة في المجتمع، فقد تنشر الحقد والكراهية في الدولة، لا سيما إن أتت من زملاء في المجلس والصحافة، وهما جهتان مسؤولتان عن دعم حرية الرأي والفكر. لذا، نأسف لما أظهرته بعض وسائل الإعلام من شماتة أثناء نشر خبر سجنه وازدراء لشخصيته وإشادة بجهود وزارة الداخلية لتمكنها من إلقاء القبض على الهارب من وجه العدالة ليلقى جزاءه وليسجن سجناً انفرادياً.
أحب أن أقول إني كنت من الناقدين لأداء النائب البراك في المجلس، وخطابه الحاد للمسؤولين وتهديداته المستمرة لهم بالاستجواب إن لم يلبوا مطالبه.. فشجع هذا الأسلوب كثيراً من النواب ليسيروا بنفس هذا التوجه، وشكّلوا كتلة برلمانية كبيرة.. وكان معظمها ضاراً بمستقبل الدولة الاقتصادي. ولكنها كانت تحقق مكاسب للنواب وناخبيهم. أدت تلك التوجهات إلى ظهور ظواهر سلبية في تجربتنا الديموقراطية كادت تدمرها، من أبرزها المطالب الشعبية الضارة بالاقتصاد. وهبوط لغة الحوار وتدنيها، فأدى ذلك إلى ظهور توتر بين المجلس والحكومة وحل المجلس أكثر من مرة وتعطلت التنمية بالدولة، ثم هددوا بالنزول للشارع إن لم تلب مطالبهم. وبالفعل تم النزول إلى الشارع وهددوا أمن الكويت واستقرارها.
كل هذه ظواهر سلبية كنا ننتقد النائب أبو حمود بسببها. الآن تغيرت الظروف، هدأت الأمور واستقرت الدولة، خصوصاً بعد تغيير قانون الانتخاب المعيب وأصبح لدينا مجلس جديد في ظل قانون الانتخاب المعدل. نتمنى أن يدرس المجلس الجديد بكل جدية وموضوعية التجربة البرلمانية السابقة ونستفيد بما فيها من إيجابيات وسلبيات. فمن إيجابيات تلك التجربة أنه كان لدينا برلمان قوي استطاع أن يتصدى لأخطاء الحكومة ويحاسبها ويهدد بعزلها إن لم تستطع الإصلاح. الدولة بحاجة إلى برلمان قوي عادل لإصلاح الفساد المنتشر، ولكن لا نريد مجلساً قوياً مستبداً، فدكتاتورية المجلس أشد خطراً على الدولة من دكتاتورية الحكومة.
أما بالنسبة للشماتة التي أظهرها البعض بسجن النائب البراك، فاعتقد أنها نوع من الخطأ، فالشخص أدى دوراًَ في المجلس النيابي نائباً عن الشعب الذي انتخبه، له محاسنه وسلبياته. أما بالنسبة لسجنه انفرادياً والنظرة إلى السجن على اعتبار أنه مكان للانتقام، فهذه نظرة خاطئة، نتمنى أن تكون لنا القدرة على تغييرها. وتطوير السجون لتكون مكاناً للاصلاح. فأغلبية المسجونين مرضى وضحايا، خصوصاً مدمني المخدرات. فهم بحاجة إلى علاج وإصلاح ليخرجوا من السجون مواطنين صالحين بدلاً من أن يصبحوا حاقدين وكارهين لمجتمعهم. نرجو أن يكون لدينا خبراء لإصلاح السجناء، خبراء لا وعاظ يرددون كلاماً محفوظاً مكرراً، بل خبراء في علم الجريمة والاجتماع والنفس والتربية. وأتمنى ألا يفهم ما أقول على اعتبار أنه نوع من التسيب.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com