بعد الانفجار الآثم في مسجد جامع الإمام الصادق ظهر كثير من المعلقين في بعض الفضائيات يطالبون بتعديل المناهج، وكأنهم متأكدون أن مدارسنا تدعو إلى الفتنة واستخدام العنف. هذا كلام سيئ ومجاف للحقيقة. فأهدافنا التربوية كما تصورها استراتيجية تطوير التعليم 2005 - 2025 التي وافق عليها المجلس واعتمدها مجلس الوزراء، تدعو لدعم الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي ونشر قيم الديموقراطية واحترام الرأي الآخر وتعكس مناهجنا تلك القيم. كما أن منفذ العملية لم يترب في مدارسنا، وان نظام داعش الإرهابي الذي تبنى العملية يتكون من عتاة المجرمين الذين مكنهم النظام السوري من الهروب من السجن وسهل لهم احتلال أراض نفطية واشترى منهم النفط لتقويتهم. وكان النظام السوري هدد العالم انه سيحرق العالم إن لم يوقف الحرب ضد نظامه. وقال المالكي في أواخر ولايته الثانية إن سجناء خطرين فروا من سجون العراق. وتمكن هؤلاء المجرمون من احتلال الموصل، بعد أن فر منها الجيش والشرطة تاركين أسلحتهم في المخازن ليستولي عليها الإرهابيون. وتكرر المشهد نفسه في الرمادي والأنبار.
من هؤلاء المجرمين تكون نظام داعش وفلسفته الإرهابية، وهم لم يتربوا في مدارسنا لكي نتهم نظمنا التربوية بتغذية الإرهاب ونطالب بمراجعتها. وهناك من يرى أن «داعش» صناعة أميركية أو ربما إيرانية لتأجيج الطائفية في المنطقة واستخدامها سلاحاً لإضعاف المنطقة والهيمنة عليها. قد يكون في مجتمعنا مجموعة قليلة متأثرة بهذا الفكر الضال لا تتجاوز 300 فرد في الكويت و800 في السعودية حسب ما تقدره إحصاءات صادرة من مراكز دولية. وهذه فئة ضئيلة لا تمثل شيئاً ذا قيمة بالنسبة الى عدد السكان البالغ في الكويت 4 ملايين و22 مليونا في السعودية.
نحمد الله على أن الغالبية الساحقة من أبناء المجتمع يمثلون الفكر المعتدل. قد نختلف في التوجهات السياسية وينتقد بعضنا بعضا. ولكن هذا النقد يركز على التوجهات السياسية ولا يصل إلى أمور العقيدة ولا الخلافات الفقهية. فهذه أمور مكروهة وغير مرحب بها في مجتمعنا. لذلك على الرغم من اختلافنا في التوجهات السياسية فإن الصداقة تظل قائمة بيننا لا تتأثر بتلك الخلافات السطحية. نلتقي في دواويننا وجمعيات مهنية وثقافية نتبادل وجهات النظر متمسكين بحب المجتمع ووحدتنا الوطنية. لذا نتمنى من الصحافة ورؤساء التحرير أن يتفهموا تلك الأمور ويستوعبوها جيدا. وأن يمنحوا الكتاب مزيدا من الحرية للتعبير عن وجهات نظرهم. فهذا من شأنه أن يرفع من قيمة الجريدة ويزيدها عمقا.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com