رحمكم الله يا من اغتالتكم يد الإرهاب وأنتم تؤدون فريضة الصلاة لخالقكم، تحفكم ملائكة الرحمة وتستغفر لكم. اغتالتكم وأنتم مولون وجوهكم شطر البيت الحرام مستغفرين تائبين ساجدين. إننا نعزي الكويت وشعبها في شهدائها الأبرار، فقد كان شعب الكويت جميعه حزينا في ذلك اليوم الأسود. ونعزي أسر الشهداء لافتقادهم أحبابهم، نرجو من الله أن يلهمهم الصبر والسلوان في مصابهم الأليم، وينزل الشهداء الدرجات العليا. ونعزي أمير الكويت الذي جاء مسرعا إلى مكان الحادث لما سمع بالنبأ الأليم، غير آبه بالتحذيرات الأمنية التي كانت تخشى أن المكان ما زال غير آمن. وكان يعلو وجهه نوع من الحزن العميق على الضحايا، الذين أزهقت أرواحهم من دون ذنب ارتكبوه، وحزن لحزن أسر الشهداء الذين فقدوا أعزاءهم. كما كان يعلو وجهه نوع من الغضب الشديد من المجرمين، الذين انتهكوا حرمة المكان وحرمة الوطن. وفاضت عيناه بالدموع وهو يرى الجرحى والمصابين من أبناء الوطن، كما كان رجل دولة أظهر تماسكه ووطنية، عندما دعا المعزين لتلقي العزاء في مسجد الدولة، ليثبت تآخي المواطنين وتمسكهم بالوحدة الوطنية. وأظهر إصرارا على تعقب الجناة والامساك بهم.
كم كنت حزينا وأنا أستمع إلى المعلقين الذين استضافتهم بعض قنوات التلفزيون، وهم يطالبون بتغيير المناهج، وكأنهم يعتقدون أن مناهجنا هي التي تصنع الإرهاب. هذا ادعاء باطل.. فمناهجنا بما فيها من عيوب لا تدعو إلى التطرف. فأهدافنا التربوية واضحة تنادي بدعم الوحدة الوطنية والتماسك الاجتماعي ونبذ العنف والتطرف. وتعترف بأننا مجتمع بالرغم من صغره إلا أنه يتكون من قبائل وعشائر وطوائف، وعلى الجميع أن ينصهر في حب الكويت. كما أن المجرم لم يترب في مدارس الكويت، بل تربى على أيدي جماعة ضالة. كم كان مشهد المعزين مهيبا ورائعا، جسّد حب الكويتيين لبعضهم وتمسكهم بوحدتهم الوطنية. هذه الطوابير الطويلة، التي وقفت للعزاء، كلهم تلقوا تربيتهم في مدارسنا، وهذا كفيل بالرد على من يدعي أن مناهجنا تزرع الفتنة.
من يصنع الفتنة جماعة ضالة يجب تتبعها لمعرفة هويتها.. ليس المجرم من دخل المسجد وفجر نفسه، بل من قام بغسل دماغه وتجنيده. فمن هي هذه الجماعة التي تريد أن تنشر الفتنة في وطننا؟ ادعى المالكي في نهاية ولايته الثانية أن مجموعة من السجناء الخطرين قد فروا من السجن، كما ادعى النظام السوري أن مجموعة من السجناء الخطرين قد فروا من سجنه. ومن هؤلاء السجناء الخطرين تكونت داعش وقيادتها الإرهابية. وترى المعارضة السورية أن النظام ينسحب من أراض ويسلمها لداعش ويشتري منها النفط، وهذا ما أكده عرب الأنبار بأن الأنبار سلمت لداعش وأكدته أميركا. لذلك ترى المعارضة السورية أن داعش صُنعت لنشر الفتنة في العالم العربي للتمكن من السيطرة عليه.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com