الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
قضاة يحكمون! | رجوع

قضاة يحكمون!
لقد حثَّ الإسلام المسلمين، خصوصا من بيدهم شأن المسلمين، على توخّي العدل والابتعاد عن الأهواء. لذلك، نرى أن القاضي إذا تبيّن له وهو يحكم في قضية ما أن بينه وبين أحد المتقاضين قرابة أو عداوة، فعليه أن يتخلى عن تلك القضية، لكي لا تتأثر عاطفته فيفقد حياديته. لذلك، نستغرب أن يصدر حكم عن محكمة التمييز يمنح رجال السلك القضائي لأنفسهم امتيازات مالية عالية. وهو حكم نهائي وواجب التنفيذ، وكان من الأفضل أن يصدر تعديل الراتب من البرلمان بالتفاهم مع السلطة التنفيذية مع مراعاة إمكانات الدولة.
ليسمح لنا قضاتنا الأفاضل بأن نقول رأيا مختلفا في هذا الحكم. فإذا كان لا يجوز التعليق على الحكم داخل قاعة المحكمة فلا حرج من التعليق عليه خارجها. ونرى كثيرا من الفقهاء يستعرضون في كتبهم أحكام القضاء والتعليق عليها. ويستفيد الدارسون من تلك الآراء.
ولنا في رسول الله أسوة حسنة. فعندما يقول رأيا يسأله الصحابة: هل هذا وحي نلتزم به أم اجتهاد؟ فإذا أجاب بأنه اجتهاد وأبدوا رأيا اعتقد أنه أفضل أخذ به. وفي قصة داود عليه السلام عندما دخل عليه صاحب حرث وصاحب غنم، وقال صاحب الحرث إن هذا الرجل أرسل غنمه في حرثي ولم تبق منه شيئا. فقال لصاحب الحرث اذهب فإن الغنم كلها لك. وقال سليمان: يا نبي الله، أنا عندي حكم أفضل من الذي قضيت. فسأله كيف؟ قال: ادفع الغنم إلى صاحب الحرث فيستفيد من ألبانها وأشعارها وأولادها. واطلب من صاحب الغنم أن يعيد الحرث كما كان. ثم يترادان فيأخذ صاحب الحرث حرثه وصاحب الغنم غنمه. فقال داود: القضاء ما قضيت. (وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إ.ذْ يَحْكُمَان. ف.ي الْحَرْث. إ.ذْ نَفَشَتْ ف.يه. غَنَمُ الْقَوْم. وَكُنَّا ل.حُكْم.ه.مْ شَاه.د.ينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلاًّ آتَيْنَا حُكْمًا وَع.لْمًا» (الأنبياء: 78 و79).
وفي هذا المقال سندافع عن المال العام.. ومن الواضح أنكم عندما أعطيتم أنفسكم تلك الامتيازات فإنها ستأخذ من المال العام، وهو ملك للشعب. ومفهوم الشعب هو من عاش فوق هذه الأرض والجيل الحاضر والأجيال المقبلة. ومن واجبات الجيل الحاضر أن يخطط لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة. وألا يستأثر بالثروة ويترك الأجيال القادمة للفقر والعوز. مشكلة الكويت أن كثيراً منا يتوهّم أننا نعيش في دولة غنية. ولكن الحقيقة تثبت أننا نعيش في دولة نامية تعتمد على مورد وحيد وزائل. مطلوب من الجيل الحاضر أن يعمل ويجتهد ليضمن أن يبني مستقبلا زاهرا للأجيال القادمة من دون أن يقتر على الجيل الحاضر ومن دون أن يبالغ الجيل الحاضر في الإسراف والتبذير. وهي معادلة صعبة يتطلب تحقيقها نوعاً عالياً من الذكاء والتضحية والإخلاص.

د. عبدالمحسن حمادة



5/12/2015
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com