• الشرق الأوسط الجديد الذي يتشكَّل بناءً على الرغبة الأميركية ـــ الإسرائيلية، هو شرق أوسط ضعيف.
التاريخ يكتبه مؤرخون، بعضهم عادلون يبحثون عن الحقيقة ليقدّموها كشهادة للتاريخ. وبعضهم أصحاب باطل يزوّرن الحقائق ويزيّفونها، ترضيةً لأهوائهم ومصالحهم. كانت الثورة قد انطلقت من مصر، وكان ضمن الثوّار شباب بريئون يؤمنون بالإصلاح والتغيير، لأن عهد مبارك الذي امتد 30 عاماً كان فيه كثير من الأخطاء. كما كان ضمنهم منافقون يتبدلون في كل عهد، وقد كتب أحدهم يطالب بإعادة محاكمة مبارك وملاحقة القاضي الذي أصدر حكم البراءة. وردّ الكردوسي عليه، قائلاً: «يستدل من تاريخ هذا الشخص الذي من المؤسف أنه كان أستاذاً جامعياً أنه كان عضواً في مجلس 2005 مجلس مبارك، واشتهر بالنفاق السياسي، حيث كانت له صولات وجولات في النفاق لمبارك الذي أصبح معادياً له بعد ثورة 25 يناير، كما كان له تصريح في شهر أغسطس يطالب بإصدار قانون لإعدام من يصف ثورة 25 يناير بالمؤامرة». (محمود الكردوسي، «الوطن المصرية» 2014/12/11).
ولكن الأخطر من هؤلاء ظهور كثير من الشباب الموالين لأميركا والغرب، وربما تم تدريبهم في جمعيات التغيير على يد متخصصين محترفين. دربوهم على القدرة على إثارة الجماهير والحشد وإثارة الشغب. وكان الهدف من إثارة الفوضى في الوطن العربي، الذي أسمته أميركا والغرب «الربيع العربي»، تشجيعاً منهم، وتأييداً لتلك الفتنة، تحقيق مشروع وزيرة الخارجية الأميركية في عهد بوش كونداليسا رايس، عندما أعلنت أن أميركا تسعى إلى خلق شرق أوسط جديد. والشرق الأوسط الجديد الذي يتشكل بناء على الرغبة الأميركية ـــ الإسرائيلية هو شرق أوسط ضعيف تزدهر فيه الفتن، التي أسموها «الفوضى الخلاقة» لهدم الدولة الوطنية في المنطقة وزعزعة الاستقرار فيها، لكي لا تكون في المنطقة دولة قوية سوى إسرائيل.
ولقد تمكّنت الوزيرة د. فايزة أبو النجا، التي كانت تشغل منصب وزيرة التعاون الدولي في عهد مبارك، ثم حافظت عليه فترة الحكم العسكري واختارها الرئيس السيسي مستشارةً للأمن القومي.. تمكّنت تلك المسؤولة بوطنيتها وحبها لمصر وثقافتها الأوروبية من فضح السلوك الأميركي والغربي، وتخطي تلك الدول الدولة المصرية بتقديمها الدعم المادي غير المحدود للمنظمات المدنية المصرية، بهدف تقويض الدولة المصرية. وقد تسبب هذا الموقف في خلق أزمة بين أميركا ومصر أثناء فترة الحكم العسكري، كما اعتبر تعيينها مستشارة للأمن القومي في عهد الرئيس السيسي تحدياً لأميركا.
د. عبدالمحسن حمادة