• مشكلة العراق أكبر من أن تُحلّ بإقصاء المالكي واستبدال رئيس وزراء آخر به.
استسلم المالكي بعد أن أدرك أنه مرفوض من جميع أطياف الشعب العراقي. وبعد أن لاقى اختيار حيدر العبادي ترحيباً من الشعب العراقي ودولياً وإقليمياً. رحبت السعودية باختياره. كما رحبت طهران على لسان أمين سر مجلس الأمن القومي بتكليفه لتشكيل الحكومة العراقية. وفي اليوم الثاني أعلن مرشد الجمهورية الإيرانية تأييده لتكليف العبادي. وفي هذا إشارة واضحة إلى تخلي طهران عن حليفها. بعد أن تسربت معلومات تفيد بأن قاسم سليماني قائد فيلق القدس كان يقوم بزيارات متكررة إلى بغداد، تهدف إلى تسهيل إعادة المالكي لولاية ثالثة. وأفادت المعلومات بأن سليماني في بداية الأزمة كان يفضّل تقديم الحل العسكري لتثبيت إعادة تسمية المالكي، وأعلن صراحة بعد الانهيار السريع لجيش المالكي أمام هجمات «داعش»، بأن القائد لا يتغير أثناء المعركة.
إن هذا الإجماع الدولي والإقليمي وداخل العراق على إقصاء المالكي دليل على أن وجوده في الحكم أصبح يشكّل خطرا على العراق وخارجه. ويستدل من السيرة الذاتية للمالكي كما يقول صحافي أميركي على أن لديه صورة التقطت 1985 في بيروت لمجموعة مدعومة من إيران، متجمعين خلف قائدي الطائرة 874 الأميركية، وكانت صورة المالكي ضمن تلك المجموعة. كما كان حزب الدعوة المنتمي إليه هو الذي فجر مقر السفارة الأميركية في الكويت 1983 (ديفيد إغنتيوس الشرق الأوسط 17 ديسمبر 2011) وهو المسؤول عن تفجير موكب الأمير الراحل. وفي بيروت تزمع عائلة إسراء الراوي زوجة الشاعر نزار قباني إقامة دعوى ضد المالكي تتهمه بقتل ابنتهم إسراء التي كانت تعمل لدى السفارة العراقية في بيروت، والتي تم تفجيرها 1981 من قبل خلية إرهابية لحزب الدعوة، وكان المالكي هو الذي يرأس تلك الخلية كما تردد. وكان محتشمي سفير طهران في دمشق، والذي أصبح وزيرا للداخلية، هو الذي خطط لتشكيل تلك الخلية لاستهداف مواقع أميركية وعراقية.
هذا الشخص صاحب التاريخ الأسود قدر أن يصبح رئيس وزراء العراق. وظلت المشاكل التي تواجه العراق طوال فترة حكمه عالقة من دون حل. لقد عمل خلال فترة حكمه على تقوية النفوذ الإيراني وهدم الوحدة الوطنية. هذه السياسة هي التي أودت بالعراق إلى التهلكة. فلما جاء «داعش» سحق جيش المالكي الذي كان يدّعي أنه أنفق عليه المليارات. هزم بطريقة مخجلة، وظهر المالكي على حقيقته، أن إيران كانت تشترط عليه ألا يكون لدى العراق جيش قوي.
لهذه الأسباب كره الشعب العراقي المالكي. ولكن مشكلة العراق أكبر من أن تحل بإقصاء المالكي واستبدال رئيس وزراء آخر به. وقد تكمن في الاحتلال الأميركي وحل الجيش الوطني المسؤول عن الدفاع عن أرض العراق وشعبه ووحدته واستبداله بميليشيات قد لا تدرك أهمية الوحدة الوطنية والدفاع عنها، وإقرار دستور صاغه المحتل قد تشجع بعض مواده على التعصّب المذهبي والطائفي، وتمدد النفوذ الإيراني ومحاولاته تأجيج الفتن المذهبية والطائفية.
نتمنى أن يدرك الرئيس المكلف مشكلات العراق، ويوحد الشعب العراقي لمواجهتها.
د. عبد المحسن حمادة
D_hamadah@hotlail.com