تم النشر في 2014/07/20
• حماس تتعاطى مع الأحداث بالفكر الإخواني نفسه الذي يريد أن يستأثر بالسلطة، ويقصي الآخر ويتعالى عليه.
تشن إسرائيل حربا عدوانية في شهر رمضان على الشعب الفلسطيني في غزة. والأوضاع العربية في أسوأ حالاتها. حروب وانقسامات في سوريا والعراق وليبيا. والشعب المصري للتو خرج من أزمة استمرت ثلاث سنوات، فهو منشغل في معالجة ما خلفته تلك الأزمة من مشكلات اقتصادية وأمنية، ومواجهة مع الإرهاب. والعلاقة بين حماس ومصر سيئة لمساندة حماس حكومة الإخوان التي أسقطها الشعب المصري.. وتحالفت مع إيران كذلك.
إذن، لماذا تستفز حماس إسرائيل في هذه الظروف الصعبة؟ قبل أيام من شن إسرائيل عدوانها تم اختطاف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين من قبل عناصر من حماس، ثم عثر على جثثهم مقتولين. أعطت هذه الحادثة مبررا لإسرائيل لشن حرب على الشعب الفلسطيني الأعزل، ذهب ضحيتها أكثر من مئتي شهيد وألف جريح. وهدمت مئات من المنازل والمدارس والمؤسسات. وردت حماس بصواريخها وطائرات من غير طيار سقطت أو أسقطت فوق الرمال. وأعلن قادة حماس الذين تحصنوا في الخنادق ولم يصب أحد منهم بأذى، أنهم سيستمرون في القتال حتى يلقنوا إسرائيل درسا لن تنساه.. ورفضت حماس المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار التي قبلتها إسرائيل، وأشاد بها وزراء الخارجية العرب ومعظم دول العالم وأيدها محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.
وظهر خالد مشعل المناضل الفلسطيني الذي يحارب إسرائيل من فنادق خمس نجوم. ينتقد القيادة المصرية ويطالب الجيش المصري بإعلان الحرب على إسرائيل. وأيده بعض الكتاب الفلسطينيين الذين يحاربون إسرائيل عبر القنوات الفضائية. وانتقدوا الموقف المصري، وقالوا إن مصر تحولت إلى ساعي بريد ينقل الرسائل من إسرائيل وحماس. وطالبوا أن يتدخل الجيش المصري للدفاع عن الفلسطينيين. كما وقف الموقف نفسه جماعة الإخوان الانتهازية التي سيرت التظاهرات لتأييد شعب غزة، ونسيت ما قامت به من جرائم.
شعب مصر وجيشها ليسا من السذاجة لأن ينجرا في مستنقع حرب عبثية. إن مصر تنشد الاستقرار لمعالجة أزمتها الاقتصادية والأمنية. وبالرغم مما عانت من مواقف حماس العدوانية. فإنها قابلت الإساءة بالإحسان، فتحت معبر رفح وعالجت الجرحى في مستشفياتها، وقدمت المساعدات للشعب الفلسطيني. وقدمت مبادرة لوقف نزيف الدم الفلسطيني.
من الصعوبة معرفة أسباب التعنت في موقف حماس لرفضها المبادرة المصرية. إن حماس ليس لديها جيش نظامي يستطيع مجابهة الآلة العسكرية الإسرائيلية التي تحصد أرواح المدنيين وتهدم منازلهم ومؤسساتهم. كما أنه بعد تشكيل حكومة التوافق الفلسطينية كان من المفروض أن يصبح قطاع غزة خاضعا لحكم السلطة الفلسطينية المنتخبة في رام الله. وكان المفروض أن يأخذ رأي السلطة الفلسطينية في المبادرة المصرية. ولكن حماس تتعاطى مع الأحداث بالفكر الإخواني نفسه الذي يريد أن يستأثر بالسلطة، ويقصي الآخر ويتعالى عليه. فهي تريد أن تظهر للعالم أنها الفصيل الأول والوحيد المتحدث باسم شعب غزة وفلسطين.
إن ما قامت به حماس من انقلاب على السلطة الفلسطينية وأدى إلى فصل غزة عن بقية الأراضي الفلسطينية قد أضر بالقضية الفلسطينية، وقلل الاهتمام بها إقليميا ودوليا. وأعطى إسرائيل مبررا بإطالة عملية التفاوض وتحركت إسرائيل في فتح مجال التفاوض على سلام جزئي مع الفلسطينيين مع غزة برعاية إقليمية والضفة برعاية دولية.
8/3/2014