الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
تداعيات شطب استجواب رئيس الوزراء | رجوع
تداعيات شطب استجواب رئيس الوزراء
كتب عبدالمحسن حمادة :
">بعد إصلاح قانون الانتخابات كان من الضروري إصلاح المجلس من الداخل.
أثار رفع الاستجواب المقدّم إلى سمو رئيس مجلس الوزراء من جدول أعمال المجلس جدلاً في الساحة السياسية. نتمنى أن يكون لهذه الأزمة تأثير إيجابي على معالجة ما شاب تجربتنا الديموقراطية من عيوب. والنظام الديموقراطي من الطبيعي أن تلحقه بعض العيوب. آمل أن تكون لدينا الرغبة والقدرة على تقييم تجربتنا الديموقراطية تقييماً موضوعياً يعتمد على البحث العلمي.
إن النظام الديموقراطي غير منزه من العيوب. فقد تحدث كثير من المفكرين عن مساوئه. ومن الأخطاء التي نعتقد أنها لحقت بنظامنا الديموقراطي تحوّل المجلس إلى ميدان للصراع. فتدنت لغة الحوار من بعض أعضاء المجلس، وأصبح العضو الناجح من وجهة نظر البعض هو سليط اللسان الذي يرفع صوته في وجه المسؤولين، ويخاطبهم بلغة متدنية. ويهدد الوزراء بالاستجواب قائلاً إنه سيجرهم إلى المقصلة. وتم استجواب أفضل الوزراء نزاهة وأداء لرفضهم تنفيذ مطالب بعض الأعضاء الجائرة.
شوّهت تلك الظواهر السلبية نظامنا الديموقراطي، وأدت إلى توتر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وعُطلت التنمية. وتم حل المجلس أكثر من مرة، ولكن من دون جدوى، حيث تعود الوجوه نفسها وتتمسك بطروحاتها الخاطئة. لأن المجموعة المؤزمة استغلت الخلل القائم في قانون الانتخابات الذي يسمح للناخب باختيار أربعة مرشحين، فأقاموا تحالفات احتكروا بموجبها الساحة السياسية، وضمنوا عودتهم الى المجلس. ومن ثم أصيبوا بالغرور، حيث تحولوا إلى أكثرية برلمانية استبدادية، وظنوا أن الدولة أصبحت ملكهم، ومن حقهم أن يفعلوا فيها ما يشاؤون من دون مراعاة لقيم الديموقراطية المتعارف عليها، أقصوا المعارضة، أرادوا فرض قوانين وتغيير مواد الدستور وفق مصالحهم، متجاهلين أن الدستور لا يقر بأكثرية برلمانية، بل بالتوافق الاجتماعي. وحاولوا جر الدولة إلى الشر والفتنة.
لذا، جاء مرسوم الصوت الواحد لمعالجة العوار القائم في قانون الانتخابات، إذ كان بمنزلة الحبل السري الذي يمد المؤزمين بالقوة. وبعد إصلاح قانون الانتخابات كان من الضروري إصلاح المجلس من الداخل، وذلك من خلال إصلاح الممارسات الخاطئة لدى بعض الأعضاء. وعلى رئيس المجلس ومكتبه وجميع الأعضاء عدم مجاملة العضو والسكوت عن أخطائه. أما بالنسبة للاستجواب الذي تم شطبه، فواضح غير دستوريته، لأنه اشتمل على 12محوراً تقريباً، أجمع أغلبية الخبراء الدستوريين أن تسعة منها غير دستورية، لاحتوائها على قضايا وموضوعات لا تدخل في الاختصاص الدستوري لرئيس مجلس الوزراء. أما المحاور التي تخص رئيس مجلس الوزراء، فكانت تنقصها الأدلة التي تثبت ادعاءات المستجوبين. فلا يجوز اتهام وزير من دون أدلة تدعم ذلك الادعاء، هذا هو المعمول به في معظم البرلمانات. علاوة على أن محاور الاستجواب جمعت في محور واحد.
لذا، نرى أن ما قام به رئيس المجلس وأغلبية الأعضاء برفع ذلك الاستجواب يعد نجاحاً لتقويم الأخطاء في تجربتنا الديموقراطية. أما أن تستغل من تسمي نفسها بالأغلبية تلك الحادثة لتجرنا إلى الفتنة، فنحن نعلم أن تلك الأغلبية يقودها الإخوان، والإخوان لا يريدون إلا الفتنة والشر. ونتمنى أن يكون الشعب واعياً لمخططهم التدميري.

د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmahl.com



5/25/2014
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com