• يحاربون القضاء العادل المستقل ويريدون قضاء إخوانياً يحكم وفق أهوائهم.
استنكر الرئيس الأعلى لمجلس القضاء ما صدر من ادعاءات تسيء إلى سمعة السلطة القضائية، كما أعلن رئيس مجلس الأمة أن المجلس لن يقبل المساس بصرح القضاء الشامخ.
جاءت هذه التصريحات كردة فعل على ما تداولته بعض مواقع التواصل الاجتماعي من إساءات إلى سمعة السلطة القضائية، وأدلى البعض بتصريحات اتهم فيها القضاء بتلقي رشى تصل إلى الملايين للسكوت عن الفساد وشراء الذمم المالية، وحرّمت الديانات والقوانين اتهام الناس بالباطل، ومن يتهم مواطناً من دون أدلة يعد شاهد زور وقاذفاً تجب معاقبته ولا تقبل شهادته حماية للمجتمع من شرور الأفاكين. قد يكون الإخوان وراء ترويج كل هذه الأكاذيب. فللإخوان عداء تاريخي مع السلطة القضائية، امتد منذ عهد المرشد الأول وحتى عصرنا الحاضر. لقد أسس حسن البنا الجهاز السري الخاص وهو تنظيم مسلح مرتبط بفكره العقائدي خصصه لاغتيال الخصوم. وكان من ضحاياه المستشار أحمد الخازندار 1948، الذي أصدر أحكاماً على مجموعة من أعضاء الإخوان جراء جرائم إرهابية ارتكبوها، كما اغتالوا اللواء سليم زكي حكمدار العاصمة الذي قبض على المجموعة الإرهابية وقدّم أدلة إدانتها للمحكمة.
إزاء هذه الجرائم الإرهابية ضد الشعب المصري والدولة قررت حكومة النقراشي حل الجماعة، فردت الجماعة باغتياله في ديسمبر 1948 بالشهر نفسه الذي أصدر فيه قرار الحل.
نحن أمام جماعة إرهابية ارتكبت جرائم القتل وهي جريمة بشعة حرّمتها الديانات وجرمتها القوانين، ولكن قادة الإخوان يبررون تلك الجرائم على أساس أن من لا يؤمن بفكرهم المنحرف يعيش في جاهلية القرن العشرين، وتجب محاربته وإجباره على اقتناع فكرهم. وبعد أن استولوا على حكم مصر في يونيو 2012، رفض مندوبهم في البداية قسم اليمين الدستوري أمام المحكمة الدستورية تطبيقاً لمبادئ قانون الإعلان الدستوري الذي تم انتخابه بموجبه، وبعد تسلمه مقاليد الحكم أعاد المجلس النيابي المبطل من المحكمة الدستورية وعزل النائب العام، مخالفاً قانون السلطة القضائية، ولكنه اضطر إلى التراجع حتى يتمكن مكتب الإرشاد من السيطرة على الدولة. وفي نوفمبر 2012 ظن الإخوان أنهم تمكنوا من السيطرة على مصر، أصدر قراراته الدكتاتورية. أطاح بالمجلس العسكري وأقال النائب العام وعين نائباً خاصاً إخوانياً، وأصدر إعلانه الدستوري الدكتاتوري وحصّن قرارته ضد الطعن أمام المحاكم وأرسل ميليشياته لمحاصرة المحكمة الدستورية لمنع أعضائها من الاجتماع حتى يتم الاستفتاء على الدستور الإخواني.
إخوان الكويت صورة طبق الأصل من إخوان المنشأ، يحاربون القضاء العادل المستقل ويريدون قضاء إخوانياً يحكم وفق أهوائهم. في مجلس 2012، أصدرت اللجنة التشريعية المسيطر عليها من قبل الإخوان مذكرة لوضع القضاء والمحكمة الدستورية تحت وصايتهم، وهددوا بالنزول إلى الشارع لفرض تلك المقترحات. وحذّر الرئيس الأعلى لمجلس القضاء من خطورة تلك المقترحات. ولما حصّنت المحكمة مرسوم الصوت الواحد الذي لاقى ترحيباً من أغلبية الكويتيين، ادعى الإخوان بأنه حكم سياسي وهددوا بإسقاطه. وفي مشروع الإصلاح السياسي، الذي يتبناه الإخوان، ضمنوه مواد لتحريف قانون السلطة القضائية لوضعها تحت سيطرتهم.
نحن أمام جماعة خطرة احترفت الكذب والتدليس والتقية، ولديها أساليب للوصول إلى أهدافها الخطرة على الدولة. ولقد أدركت مجتمعات خطورتهم على الدولة فقامت بتحجيمهم. أما في الكويت، فمازالت أطراف حكومية ترتبط معهم.. وهنا تكمن الخطورة.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com