">• نخشى من عودة المعارضة السابقة، لأن هذه المجموعة أشد خطرا على الدولة من أخطاء الحكومة.
كل دولة ديموقراطية تحتاج الى معارضة تبين للحكومة أخطاءها. وحكومة الكويت بشكل خاص بحاجة الى معارضة وطنية وذكية. خاصة بعد أن تبين أن الحكومة عاجزة عن الإصلاح ومعالجة المشاكل التي تواجه الدولة، كما أصبحت الدولة لا تعرف الاستقرار السياسي، ففي كل عام تتغير الوزارة أكثر من مرة. ومن المشاكل التي تترتب على ظاهرة عدم الاستقرار السياسي صعوبة تنفيذ خطط التنمية، فنرى كل وزير يأتي يضع لنفسه تصورا قد ينسف خطط الوزير السابق. وهذا قد يعني أنه لا توجد سياسة في مجلس الوزراء توضح أن للدولة خططا مرسومة مسبقا لا تتغير بتغير الوزير. وقد يتطلب نجاح ذلك أن يكون في مؤسسات الدولة جهاز إداري وفني من وكلاء ووكلاء مساعدين وفنيين يتم اختيارهم بعناية ومن ذوي الكفاءة العلمية العالية، يشاركون في رسم الخطة ويكونون قادرين على استيعابها وتنفيذها أو التعديل عليها إذا لزم الأمر. ولاستقرار مؤسسات الدولة يجب احترام شخصيات هذا الجهاز والنظر إليهم على اعتبار أنهم ركن أساسي من أركان الجهاز وبمنزلة خبراء دائمين في المؤسسة. فلا يحق لوزير قد لا يستمر في عمله سوى شهور، أن يسعى إلى تجميدهم أو إحالتهم الى التقاعد بحجة التجديد. وغالبا ما يقوم بعض الوزراء بذلك ربما لتنفيع شخصيات تربطهم بهم مصالح شخصية.
وعلى الرغم من اعترافنا بحاجة الدولة الماسة الى معارضة وطنية، ومع ذلك فإننا نخشى من عودة المعارضة السابقة، ومن يطلقون على أنفسهم تكتل الأغلبية أو شباب الحراك، لأن هذه المجموعة أشد خطرا على الدولة من أخطاء الحكومة. فإذا كان تخلف الدولة ناجما عن جهل الحكومة أو ربما تعمدها الابتعاد عن طرق الإصلاح، فان خطورة هذه الجماعة تتمثل في كونها خطرا على أمن الدولة واستقرارها. وتخضع هذه المجموعة لقيادة الإخوان وتوجهاتهم. واشتهر الإخوان بشغفهم في الاستيلاء على السلطة والجاه والثروة، وقد يغطون هذا الجشع والنهم بشعارات أو عبارات براقة يرفعونها، كحب الإصلاح السياسي ودعم الديموقراطية والحرية والعدالة لخداع الجماهير والبسطاء بتلك الشعارات. كما فعلوا في مصر وتونس وليبيا، ومازالت تلك الدول تعاني، منذ أكثر من ثلاث سنوات، الانهيار الأمني والاقتصادي ومهددة بالتفكك.
وحاول الإخوان العبث بأمن الكويت واستقرارها. عندما انضموا في مجلس 2012 المبطل إلى كتل برلمانية أخرى، وأقنعوها بضرورة تغيير مواد الدستور، الذي توافق عليه الكويتيون حكومة وشعبا. واستبدال مواد به تمكنهم من السيطرة على القضاء وجعله تحت وصايتهم، وتمكنهم من تكوين حكومة منتخبة للاستيلاء على السلطة والثروة، وهددوا بالنزول إلى الشارع إذا رفضت تلك التعديلات. وبالفعل نزلوا إلى الشوارع وهددوا أمننا واستقرارنا، ونجونا بإعجوبة من مكيدتهم. ومازال حراكهم المشبوه متشبثا بتلك المطالب. نتمنى ألا تضطر الجماهير بسبب جهل الحكومة بالإصلاح إلى إعادة تلك الجماعة إلى المشهد السياسي مرة أخرى فنكون كالمستجير من الرمضاء بالنار.
د. عبد المحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com