• أخطاء الحكومة تتطلب وجود معارضة حكيمة محبة للوطن كالتي ظهرت في أواسط الخمسينات.
للحكومة أخطاء كثيرة. من أهمها أنها أصبحت عاجزة عن اتخاذ القرارات التي تحتاجها الدولة، فأصبحت غير قادرة على الإصلاح والتجديد. تشكل اللجان وتستدعي الخبراء لمعالجة مشاكلها. ثم تعمل عكس توجهات اللجان. منذ سنوات أعلنت أنها ستحول الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، وأكد الخبراء حاجة الكويت الى هذا المشروع، ولديها إمكانات تساعد على تحقيقه. ولكنها عاجزة عن اتخاذ القرارات التي يتطلبها نجاحه. ومن أهمها، محاربة الفساد وإصدار التشريعات للقضاء على البيروقراطية، وإصلاح التعليم وتشجيع القطاع الخاص ليقود عملية التنمية، وإعداد الموانئ الجوية والبحرية. ولكن الحكومة ظلت عاجزة عن اتخاذ تلك القرارات. إضافة إلى ما يقوم به بعض الوزراء من توجيه إهانات للمهنيين العاملين في الوزارة.
مثل هذه الأخطاء تتطلب وجود معارضة حكيمة محبة للوطن، لديها رغبة في الإصلاح وكفاءة تمكنها من تفهم مشكلات الدولة وتصور لمعالجتها وتفهم لإمكانات الدولة، فتقدم المقترحات المناسبة لإمكانات الدولة ولا يتسبب تنفيذها ضررا بمصالح الدولة أو مستقبلها السياسي والمالي. معارضة تؤمن بأن المواطن له حقوق وعليه واجبات. تؤمن بأحقية الأجيال القادمة بالمشاركة بثروة الوطن فلا يجوز للجيل الحاضر أن يستأثر بتلك الثروة، ويحرم الأجيال القادمة منها، ويتركها للفقر والحرمان. بل يجب عليه أن يخطط ويبذل جهدا ليضمن أن تعيش تلك الأجيال حياة كريمة.
هذه المعارضة، التي نتمناها، مشابهة للمعارضة التي ظهرت في أواسط الخمسينات من القرن الماضي. معارضة وطنية مخلصة. قام بها شباب مثقفون ومخلصون تعاونوا مع تجار وطنيين، طالبوا بالحقوق والحريات وصاغوا دستورا وطنيا توافقيا، أعطى للأسرة الحاكمة حقوقا وأبرز حقوق المواطنين وكرامتهم، لذلك تمكنوا من القيام بنهضة سريعة.
أما المعارضة السابقة التي ما زالت تصر على التمسك بمزاعمها الخاطئة، وتدعي بأنها تمثل الأغلبية، وأنها ستدعم تنسيقية الحراك الوطني وائتلاف المعارضة حتى تحقق أهدافها، فأهدافها ضارة، تهدد أمن الدولة واستقرارها، ويستدل من تاريخها النيابي أن ليس لديها مشروع وطني للإصلاح وامتازت بتدني لغة الحوار والاعتداء على حقوق الآخرين وكرامتهم، محتمية بالحصانة البرلمانية، ومخاطبة المسؤولين بصوت عال لإرهابهم وإجبارهم على تنفيذ مقترحاتها، حتى لو كانت مضرة بمصالح الدولة. واستجوبت أفضل الوزراء. وازدادت هذه المعارضة سوءا بعد انضمام الإخوان إليها. وهي جماعة خطرة. تنتمي إلى تنظيم سري ودولي لا يؤمن بحب الوطن، ولا منظومة الدولة الحديثة، بل يراها رجسا من عمل الشيطان، ويطالب بالانتماء لدولة الخلافة، ولا مانع لديهم من اتباع أي وسيلة غير شرعية، كالكذب والقتل لتحقيق هذا الوهم. لذلك لما انضم الإخوان إلى المعارضة أقنعوها بضرورة تغيير مواد الدستور واستبدالها بمواد تمكنهم من الاستيلاء على الحكم. وشجعوا النزول إلى الشارع لإثارة الفتن وزعزعة الأمن والاستقرار.
د. عبد المحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com