• قانون الانتخاب الجديد جاء تحصيناً للأمن، لأنه قطع الطريق على كل محاولات «الإخوان» بالعودة إلى القانون القديم، وقيام أحزاب وحكومة برلمانية منتخبة.
استغلت مجموعة من السياسيين الخلل القائم في قانون الانتخاب السابق، فأقاموا تحالفات لتبادل الأصوات. وبفضل ذلك التحالف احتكروا الساحة السياسية، وأصبحت عودتهم إلى المجلس مضمونة. فحرموا كثيرا من الأقليات والشباب في مختلف الدوائر الانتخابية من الوصول إلى المجالس النيابية، وبالتالي حرمت الدولة من الاستماع إلى صوت الغالبية. فأصبحت لدينا ديموقراطية عرجاء لا نرى فيها ولا نسمع إلا وجوها وأفكارا مكررة، غيبت مصالح الدولة العليا، وطغت المصالح الشخصية الدنيا.
ومع تكرار عودتهم إلى المجلس أصيبوا بالغرور وتدنت لغة الحوار لديهم، وبدأوا يخاطبون المسؤولين بصوت عال وبلغة متدنية، بل آذووا بهذا الخطاب واللغة شخصيات خارج نطاق المجلس والسلطة التنفيذية، خاصة طبقة التجار، والأسر التي كان لها دور تاريخي في بناء الدولة، متعمدين تشويه الصورة وتزوير التاريخ. وهددوا باستجواب من يعترض على تنفيذ مقترحاتهم، حتى لو كانت خطأ وضارة بمصلحة الدولة. وتم استجواب أفضل الوزراء نزاهة وأداء. وحذر صاحب السمو من خطورة تلك الظواهر السلبية التي لحقت بنظامنا الديموقراطي وشوهته وألحقت فيه الفوضى، وأوشكت على تدميره، وأدت إلى توتر العلاقة بين الحكومة والمجلس، وتعطلت مشاريع التنمية وحل المجلس أكثر من مرة. ولكن من دون جدوى، الوجوه نفسها تعود إلى المجلس، وتتمسك بأطروحاتها.
وفي مجلس 2012 المبطل انضم «الإخوان» إلى تلك المجموعة، فزادوها سوءا. خاصة بعد استيلائهم على الحكم في مصر وتونس، تحرك تنظيمهم الدولي والسري للهيمنة على دول الخليج، فشجعوا خلاياهم في تلك الدول للسيطرة على الحكم. فتحركوا لتحقيق ذلك الهدف. وفي الكويت أقنع «الإخوان» الكتل النيابية الأخرى تحت شعار الإصلاح السياسي بضرورة القبول بحكومة برلمانية منتخبة، وضرورة تغيير مواد الدستور الذي توافق عليه الكويتيون، واستبدالها بمواد تمكنهم من اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، ليتمكنوا من الاستيلاء على مفاصل الدولة. وأعدوا مذكرات داخل اللجنة التشريعية للسيطرة على القضاء، ووضعه تحت وصايتهم. وهددوا باللجوء إلى الشارع لفرض تلك المقترحات بقوة الشارع إذا رفضتها الحكومة، وتحولوا إلى أكثرية برلمانية استبدادية لا تراعي قيم الديموقراطية ومبادئها المتعارف عليها. ظنا منهم أن الدولة أصبحت ملكا لهم ومن حقهم أن يفعلوا ما يشاؤون. أقصوا المعارضة وهمشوا دورها وسخروا من توجهاتها. وحاولوا جر الكويت إلى الفتنة.
مرسوم الضرورة جاء لمعالجة العوار القائم في قانون الانتخابات، للاعتقاد بأنه العامل الحقيقي وراء قوة المؤزمين الذين اختطفوا الكويت، وحاولوا إغراقها في الفتنة والشر. نجت الكويت من تلك المحنة بفضل حكمة القيادة السياسية وتصميمها على مواجهة أسباب الفتنة بشجاعة ومن دون تردد. وبفضل دعم غالبية الشعب لتوجهات القيادة السياسية وعدم انخداعها بأساليب المؤزمين.
إن القانون الجديد هو المعمول به في معظم دول العالم. رحبت غالبية الشعب بتحصين المرسوم، وأعلنوا مشاركتهم في الانتخابات المقبلة، بينما رفضت أقلية الترحيب بالحكم يتزعمهم الإخوان، وأعلنوا تصميمهم على إعادة القانون القديم. غير مبالين بأمن الكويت واستقرارها. وقبل أسبوع صرح أحد مشايخ الإخوان، قائلا إن الكويت بحاجة إلى قيام الأحزاب وحكومة برلمانية منتخبة. ليؤكد أن لا وجود لمعتدلين في «الإخوان»، وأنهم يغلّبون مصلحة الجماعة على مصلحة الدولة. وما قاله عاكف، المرشد السابق للجماعة، إذا تعارضت مصلحة مصر مع مصلحة الجماعة فسيقول «طز» في مصر. فهذه ليست زلة لسان، بل تمثل حقيقة فكرهم.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com