">
• رغم قرار اخلاء سبيل الرئيس حسني مبارك، فإن النائب العام الإخواني قرر الطعن، لأن الاخوان يريدون ابقاءه في السجن حتى يموت فيه.قرر القضاء المصري إخلاء سبيل الرئيس السابق حسني مبارك في قضيتي قتل المتظاهرين والكسب غير المشروع، حيث لا يوجد أمام القضاء أدلة تثبت تلك التهم، وذلك بعد سجنه عامين على ذمة التحقيق، والتحقيق معه طوال تلك الفترة. ولكن النائب العام المطعون بشرعية تعيينه والذي أثار تعيينه أزمة حادة أدت إلى ظهور التظاهرات والوقفات الاحتجاجية ضد تعيينه وأعلن أعضاء النيابة العاملون معه رفضهم استمراره على رأس النيابة العامة، وصدر حكم قضائي ببطلان تعيينه، ولكنه تقدم بطلب أمام محكمة الاستئناف لوقف تنفيذ الحكم. واستغرب كثير من رجال القانون هذا السلوك الذي يصدر من شخص يتولى أعلى المناصب القضائية، لأنه يهدف من وراء ذلك الى تعطيل الصيغة التنفيذية للحكم الذي سيصدر ضده. ورأوا أن مثل هذا السلوك لم يصدر في تاريخ القضاء في أي دولة. وأنه بفعله فقد حياده وصلاحيته كقاض، وأثبت انتماءه واستقواءه بفصيل سياسي حاكم. ويريد أن ينال من السلطة القضائية ويجرح فيها وفي رجالها وكأنه ليس منهم بل أصبح عدوا لدودا. («التحرير» 2013/4/28). هذا النائب العام الذي يرى الكثيرون أنه نائب للإخوان قرر الطعن على قرار المحكمة للمرة الثانية إخلاء سبيل مبارك، لأن الإخوان يريدونه في السجن حتى يموت فيه انتقاما وتشفيا منه. ومن يفكر في الانتقام ويمتلئ قلبه بالحقد لن يتمكن من بناء دولة، لانه سيظل حبيس الماضي غارقا فيه، يعتقد أنه كان مظلوما فيريد أن ينتقم ممن ظلمه. لو كان الإخوان إسلاميين كما يدعون لاقتدوا برسول الله ولتخلقوا بخلق الإسلام، الذي حث على العفو والتسامح، وعدهما من الأخلاق العليا لا يقدم عليهما إلا أصحاب العزيمة القوية. «فمن عفا وأصلح فأجره على الله». «ولمن صبر وغفر فإن ذلك من عزم الأمور» (الشورى: 40، 43). لذلك كان رسول الله محبا للعفو والتسامح.
تأثر مانديلا بهذه السيرة فأجرى مصالحة مع البيض، ونصح المصريين بأن يقتدوا بسيرة نبيهم، ولا ينجرفوا وراء شهوة التشفي والانتقام. فمن يفكر في الانتقام سيهدم الدولة ويعجز عن بنائها.
ولكن الإخوان بنفوسهم المعقدة تربوا داخل تنظيم سري معاد للدولة وحاقد على مؤسساتها، يصفها بأنها دولة جاهلية يجب هدمها. لن يستطيع مثل هذا الفكر المريض المنحرف أن يرتفع إلى مستوى الفكر التنويري الذي نادى به الإسلام أو ينادي به أي فكر مدني تنويري، ليحكم الدولة بمبادئ التسامح والمحبة ويمحو الحقد والكراهية. لا يستطيع مثل هذا الفكر أن ينظر إلى حسني مبارك على أساس أنه شخص مسن مريض، حكم مصر 30 عاما، من الطبيعي أن تكون له أخطاء ولكن من المؤكد أن سيرته الذاتية فيها جوانب مضيئة، بنيت في عهده الكثير من المدن والجامعات والجسور والطرق. له شرف الانتماء إلى الجيش المصري العظيم، شارك في حربي 56 و67.. ولاه عبد الناصر قيادة القوات الجوية بعد هزيمة 67 بعد أن دمرها العدو الإسرائيلي وأعاد بناءها بسرعة فائقة وشارك في حرب الاستنزاف وكان أحد قادة حرب 73 ورفع علم مصر في سيناء وحرر كامل ترابها، سمح بظهور الأحزاب والإعلام المعارض. لم يعرف العنف ولم يكن دمويا لما علم أن هناك إجماعا شعبيا على تنحيه أعلن قرار الرحيل. ولم يطالب بضمانات تحميه من الملاحقة الجنائية كشرط لتنازله عن الحكم. رفض الخروج من مصر وفضل الموت على ترابها.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com