• مهمة كانت زيارة الوزيرة دشتي للصين. أولا لأنها دولة لا أطماع استعمارية او توسعية عندها، وثانيا لانها كشفت عن ضخامة المشاريع الكويتية المطروحة التي لم نسمع عنها.
الزيارة التي قامت بها وزيرة الدولة للتخطيط والتنمية الادارية وزيرة الدولة لشؤون مجلس الامة د. رولا دشتي في اواخر فبراير الماضي واوائل مارس الحالي لجمهورية الصين، كانت زيارة عمل مهمة، وإن كان من الصعوبة تقييمها ومعرفة مدى قدرتها على تحقيق اهدافها والنتائج الايجابية المرجوة منها لندرة ما كتب عنها. ومع ذلك يمكن القول انها كانت مهمة وضرورية، لانها اتجهت الى دولة مهمة صاحبة ثاني أقوى اقتصاد في العالم، وتهتم بتصميم وتنفيذ مشاريع التنمية في مختلف دول العالم، حيث قامت بتنفيذ مشاريع تنموية كبرى في آسيا وافريقيا واوروبا، فضلا عن ان الصين ليست لها اطماع استعمارية او توسعية.
تبين من خلال الاحاديث التي ادلت بها الوزيرة امام المسؤولين الصينيين ان للكويت خطة تنموية طموحة، فهي بصدد بناء ثلاث مدن سكنية تقدر كلفتها بــ40 مليار دولار، علاوة على تطوير الموانئ والطرق والمطار وانشاء مستشفيات وسكك حديد تربط دول الخليج بعضها ببعض. كما اكدت حاجة الكويت إلى التعاون مع الشركات الصينية في مجال الطاقة النظيفة. من المؤسف ان يكون لدينا كل هذه المشاريع الضخمة التي إن نفذت فستنقل الكويت نقلة نوعية في مجال التطور العمراني والحضاري، ونحن لا نعرف عنها شيئا. وقد يرجع ذلك الى قصور منا، فنحن لا نتابع ما سيحدث لمجتمعنا من تطورات، او لقصور واهمال من جانب الحكومة، لانها لم تستخدم الاساليب المتاحة لديها لتبصير المواطن بخططها المستقبلية. لذلك انتقد بعض الاعضاء نتائج تلك الزيارة قائلا انه لم يسمع عن تلك المشاريع الا من خلال وسائل الاعلام.
وفي هذا الصدد نريد ان نشير إلى أن الخطة السابقة نالت نصيبا وافرا من الاعلام، فقد تم الترويج لها اعلاميا، وتم شرح اهدافها ووسائلها والعقبات التي قد تواجهها وكيفية مواجهتها والتغلب عليها. ورُصدت ميزانية لتنفيذ تلك الخطة وتمت الموافقة عليها من مجلسي الامة والوزراء. ولكن بكل اسف اجهضت تلك الخطة ولم تشرح الحكومة سبب توقفها ونسبة المشاريع التي انجزت منها. وهل تعد الخطة الجديدة استكمالا للخطة السابقة وتنفيذا للمشاريع التي لم تر النور من الخطة السابقة؟ من المهم تقييم ما سبق لمعرفة الاسباب الحقيقية للفشل، لكي نبدأ خطوات سليمة من جديد.
نحن شعب مصاب بمرض مزمن يتمثل بأننا تحولنا الى شعب نظري يجيد صياغة النظريات يجسد فيها مشاكله ووسائل علاجها، ولكنه يعجز عن تنفيذ تلك النظريات ليستفيد منها في واقعه العملي. لتظل تلك النظريات مدرجة على الارفف حتى يطويها النسيان. لذلك تقدمت دول الخليج ونحن نتخلف. واللافت للنظر ان رئيس مجلس ادارة شركة المواصلات الصينية قال للوزيرة «انه يأمل ان تعمل الحكومة الكويتية على حل المعوقات التي تعترض عمل الشركات الصينية في الكويت. ومنها القوانين الاقتصادية والمناقصات وتعقيد الاجراءات والبطء في اتخاذ القرارات». حتى الصين تعرف جوهر مشكلتنا الكامن في الروتين والتردد في اتخاذ القرار.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com