أطلق المصريون على تجمعهم في 1 يناير «جمعة الخلاص» من حكم الإخوان، نظرا لما عانوه من مآس خلال حكمهم. لقد أثبتت الفترة القصيرة التي قضوها في الحكم فشلهم في إدارة الدولة وفشلهم في التعامل مع فئات المجتمع، خصوصاً المعارضين لسياساتهم. لذا فإن مصر الدولة المحورية في المنطقة وذات الحضارة العريقة تواجه أزمات حادة، سياسية واقتصادية، قد تؤدي إلى انهيار الدولة. وهذا ما صرح به الفريق أول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مع طلبة الكلية الحربية قائلا إن استمرار صراع مختلف القوى السياسية واختلافها حول إدارة شؤون البلاد قد يؤدي إلى انهيار الدولة، ويضر بالأمن القومي، وسيظل الجيش الكتلة الصلبة تعتمد عليه أركان الدولة وهو لكل المصريين. وبعد أن أجرى الرئيس مرسي اجتماعين مع المجلس الأعلى للشرطة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، كل على حدة، لاحتواء الأزمة، أفادت الأنباء المتسربة من الاجتماعين بأن رجال الأمن يرفضون أن يكونوا كلاب حراسة للنظام. أما الجيش فإنه لن يتدخل إلا لحماية الدولة لا النظام. («المصري اليوم» 2013/2/7). لذا يشاع ان هناك خطة لدى الإخوان يحاولون من خلالها السيطرة على الجهاز الأمني، وذلك من خلال تشكيل هيئة عليا يتولى الرئيس رئاستها مع جماعة الإخوان، وسيقومون بإلغاء أكاديمية الشرطة وإنشاء 20 كلية في المحافظات، وإلغاء المناهج الحالية وشروط القبول، وسيلحقون بها شباب الإخوان وسيخفضون سنوات الدراسة إلى عام دراسي واحد («الوطن» 2013/1/21).
ويتبادل الطرفان، الإخوان والجماعات الإسلامية المتحالفة معهم من جهة، وجبهة الانقاذ والتيار الشعبي وشباب الثورة وتضم أكثر من 40 حركة وحزبا، يتبادلون التهم في أسباب تردي الأوضاع في المحروسة. ففي حين يدعي الإسلاميون أنهم يتمسكون بالديموقراطية ويدافعون عنها. لذا فهم يرفعون شعار شرعية الصندوق في مواجهة الفوضى، فبما ان الرئيس قد جاء عن طريق الانتخابات فلا يجوز المطالبة برحيله عن طريق التظاهرات وإثارة الشغب. وعلى هذا الأساس فإنهم ينظرون إلى من يطالب بإزاحة حكم الإخوان عن طريق التظاهرات وإثارة الاضطرابات بأنهم بلطجية وجماعة شغب وسيجرون الدولة إلى الهاوية. ويصفون الإعلام الكاره لفكرهم بأنه إعلام كاذب وفاجر. فبالرغم من أنهم استولوا على جميع وسائل الإعلام المملوكة للدولة من قنوات وصحف وحشدوا فيها مؤيديهم يتخوفون من 4 صحف خاصة و5 قنوات لم تركع لإرادتهم. وبدأوا يتحدثون عن مؤامرات تدار من الخارج للإطاحة بالحكم وتدمير الدولة ويتهمون الإعلام الخاص بأنه ممول من الخارج لبث الأكاذيب وإشاعة الفتن.
أما الجماعة المناوئة للإخوان والتي حشدت الجمعة الماضية لجمعة الخلاص وتحشد اليوم لجمعة الكرامة والرحيل. وهكذا نرى الجماهير المصرية بدلا من أن تخرج مبتهجة فرحة في ميادين مصر لإحياء ذكرى ثورتها، تخرج غاضبة، لأن الجماعة التي حكمت مصر ارتكبت من الجرائم ما لم ترتكب في عهود سابقة، حيث أعلن الرئيس إعلانا دستوريا منع القضاء بموجبه من النظر في تصرفاته ومنع المحاكم من الحكم في القضايا المعروضة عليها المتعلقة بلجنة الدستور ومجلس الشورى، وأقال النائب العام وعين نائبا يتردد أنه خاصا بالإخوان ونيابة لحماية الثورة والمقصود بها حكم الإخوان. وأرسلت ميليشيات التيار الإسلامي لإرهاب القضاة ومنعهم من الدخول إلى المحاكم. وأرسلت ميليشيات أخرى لمدينة الإنتاج الإعلامي لإرهاب الإعلاميين المناوئين لحكم الإخوان. ولديهم ميليشيات للقتل وللخطف وتعذيب المخطوفين وانتزاع اعترافات منهم. وهم متدربون على الكذب بشكل لا مثيل له. وهكذا أصبح الشعب المصري أمام خيار صعب إما الثورة على هذا النظام وقد تؤدي إلى تدمير الدولة. أو الصبر على حكم الإخوان لتتحول مصر إلى حكم فاشي لا يحترم الآخر وسيدمر أجهزة الدولة تدريجيا وفي مقدمتها القضاء والأجهزة الأمنية والعسكرية وتربية الإنسان.
د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com