الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
مطالب لنجاح المجلس الجديد | رجوع
مطالب لنجاح المجلس الجديد
كتب عبدالمحسن حمادة :
النظام الديموقراطي ليس نظاماً مثالياً خالياً من العيوب، بل قد يحمل كثيراً من العيوب. فقد تحدّث كثير من رجال الفكر عن مساوئه منذ العصور القديمة. قال أفلاطون وأرسطو عن عيوب الديموقراطية إن نتائجها قد تأتي بالسيئين القادرين على خداع الناخبين وتضليلهم. وقال عنها تشرشل: الديموقراطية نظام سيئ، ولكن النظم الأخرى أسوأ منها. لذا، علينا أن نتحمّل الديموقراطية بمساوئها ونحاول إصلاحها، فمن دونها تعم الفوضى والاستبداد.
ويتضح من تجربتنا الديموقراطية أنها ممتلئة بالشوائب، ومن أهمها تدني لغة الحوار لدى بعض الأعضاء، فأصبح العضو الناجح منهم سليط اللسان، محتمياً بالحصانة البرلمانية ليعتدي على حقوق الأفراد والدولة، ويرفع صوته على بعض الوزراء والمسؤولين ويهددهم بالاستجوابات ويوجّه إليهم التهم بدليل وبغير دليل. ومن المؤسف أن بعض الوزراء اضطروا لشراء سكوته بترضيته وتلبية مطالبه الجائرة. مما شجع على انتشار هذه الظاهرة السيئة انتشاراً مخيفاً في المجلس. فأدى ذلك إلى انتشار الفوضى داخل المجلس وانحدار مستواه. وقل اهتمام غالبية الأعضاء بالمشاريع الوطنية والتنموية، فاهتموا بمصالحهم الخاصة، وقل اهتمامهم بالشأن العام، وتدهورت العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
أدى ذلك إلى حل المجلس أكثر من مرة، ولكن العوار القائم في قانون الانتخاب الذي يسمح للناخب بانتخاب 4 مرشحين مكَّن المؤزمين من استغلال ذلك الخلل، ودرسوا الساحة الانتخابية، وأقاموا تحالفات مريبة ليعودوا إلى المجلس مرات عديدة، ويحتكروا الساحة السياسية. وفي مجلس 2012 المبطل، أصبحوا أكثرية، ولكنهم تحوّلوا إلى أكثرية استبدادية بعيدة عن روح الديموقراطية وقيمها. ومن استبدادها محاولاتها تهميش دور الأقلية وإقصاءها عن المشاركة في اللجان المهمة والتشويش عليها والسخرية منها عندما تبدي آراءها. يجتمعون بالجواخير والدواوين ليقرروا مصير الدولة ويصيغوا الاستجوابات لإبعاد من يريدون من الوزراء بدلاً من الاجتماع وتبادل الآراء تحت قبة البرلمان. وقدَّموا مقترحات تدل على تدخلهم في شأن القضاء، كإلغاء محكمة الوزراء، وإعادة تشكيل المحكمة الدستورية، ونزع صلاحية تفسير الدستور منها. واقترحوا تغيير مواد الدستور الذي توافق عليه الكويتيون ليفرضوا مواد تمكنهم من السيطرة على القضاء ومفاصل الدولة.
وهكذا تطلب الأمر إصدار مرسوم ضرورة لمعالجة الخلل في قانون الانتخابات وتعديله، ليصبح بمقدور الناخب انتخاب مرشح واحد بدلاً من أربعة، حماية للدولة من الوقوع في الفوضى والصراع اللذين خطط لهما المتآمرون لجرّنا إليهما. لذا، نتمنى الحفاظ على قانون الصوت الواحد، فهو معمول به في معظم دول العالم الديموقراطية، ويمثل ضرورة سياسية واجتماعية لضمان استقرار الدولة وتقدّمها. وبعد نجاح الانتخابات شاهدنا نماذج راقية في جلسة الافتتاح، سادها جو من المحبة والألفة والتعاون هنَّأ الخاسرون الفائزين وتقبّلوا النتائج بروح عالية. افتقدنا مثل هذه المشاهد الراقية في المجالس السابقة، حيث كان يسود جو من التشاحن والبغضاء والانقسام. نتمنى من الرئيس أن يلتزم بتطبيق اللائحة على الأعضاء كما تعهّد لضبط المجلس والمحافظة عليه من الانحرافات. ولا يجامل الأعضاء طمعاً في أن يعيدوا انتخابه مرة أخرى. ففي هذا تدمير للمجلس. وساءنا ما قدمه بعض النواب من مقترحات مالية ضارة بمستقبل الدولة المالي ومستقبل الأجيال القادمة، وسبق أن رفضها صاحب السمو وبيّن الأدلة التي تثبت عدم عدالتها وضررها.

د. عبدالمحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com


12/24/2012
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com