الديموقراطية ما هي إلا وسيلة لخدمة الإنسان والدولة. أما إذا اتخذها البعض وسيلة لتحقيق أطماعه ومصالحه الشخصية فانها ستتحول إلى معول لحرق الدولة وهدم مؤسساتها. ولعل هذا التفسير الخاطئ لمفهوم الديموقراطية، والذي تبنته بعض الجماعات السياسية بقيادة أغلب الإخوان المسلمين في الكويت، هو الذي دفعها للنزول إلى الشارع لتهييج الجماهير وتحريضها للخروج على النظام، لإرغامه على تنفيذ مطالبها. فهي جماعة سياسية تحكم على الأمور وفق مصالحها الخاصة فما يحقق مصالحها فهو الخير حتى لو كان شرا للدولة.
واضح من مواقف إخوان الكويت الاحتجاجية ومطالبهم انهم يسعون للوصول إلى السلطة، من خلال مطالباتهم المتكررة بتغيير مواد الدستور وفرض مواد تسمح لهم باختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة للسيطرة على جميع مفاصل الدولة. فمنذ أن أصبحوا أغلبية في مجلس 2012 ووصول الإخوان إلى الحكم في مصر وتونس وتركيا أصبحت هذه مطالبهم بكل وضوح. قالوها في المجلس وفي ساحة الإرادة وخروجهم في الفضائيات وتصريحاتهم المتكررة. ويحاولون في تلك التصريحات تشويه سمعة التجار والأسرة ليبرروا الخروج عليها.
نتمنى أن يعرف الإخوان أن الدستور لا تضعه أغلبية برلمانية تتغير حسب أمزجة الناخبين. إن مسؤولية الأغلبية البرلمانية تكاد تنحصر في الرقابة على أعمال الحكومة وسن القوانين التي تهم الإنسان والدولة كقانون العمل والتعليم وغيرها من القوانين المهمة التي انشغلت عنها ودخلت في صراع مع السلطة. أما الدستور فتصوغه جمعيات تأسيسية تضم ممثلين عن الشعب وخبراء في القانون والمجتمع. فالمجلس التأسيسي الذي صاغ دستور الكويت ضم ممثلين عن الشعب الكويتي وأفرادا من الأسرة الحاكمة ووزراء وخبراء في القانون. توصلوا بعد دراسات ومشاورات إلى هذا الدستور المتوازن الذي يراعي مصلحة الحاكم والمحكوم واستقرار الدولة. لن يحترم الإخوان رأي الآخرين وسيمضون في محاولاتهم للسيطرة على السلطة غير مبالين باستقرار الدولة. فما يحدث في الكويت مشابه لما يحدث في مصر. فلما أبطل القضاء المصري الجمعية التأسيسية للدستور لأنها لا تمثل فئات الشعب المصري. أعاد مجلس الشعب المسيطر عليه من التيارات الدينية الجمعية بالتشكيلة نفسها، وهناك صراع بين مختلف الفئات على مواد الدستور. وأعلن الرئيس مرسي إذا تعثر وضع الدستور فلديه دستور جاهز.
يجب أن نعي ما يدور حولنا جيدا، فمؤتمر حزب العدالة والتنمية التركي الذي عقد في اسطنبول. حرص الحزب أن يدعو إليه قادة الإخوان في العديد من الدول، وشارك الرئيس مرسي في فعاليات المؤتمر بصفته قياديا إخوانيا وجعل زيارته خاصة للحزب وليست للدولة التركية. نخشى أن يكون التنظيم العالمي للإخوان بعد وصوله الى الحكم في تونس ومصر وهما دولتان تعانيان من مشاكل اقتصادية فادحة، بدأ يتطلع إلى دول الخليج وثرواته لتساعده في تكوين مشروع دولة الخلافة التي يحلم بها منذ 80 عاما. فبدأ يحرك اتباعه في دولنا لتحقيق هذا الغرض. فالقبض على مجموعة حاولت الاستيلاء على الحكم في الإمارات وتحرك الإخوان غير الطبيعي في الكويت جزء من هذه المؤامرة. نتمنى أن تعي السلطة طبيعة «الإخوان» وتوجهاتها وتوقف الدعم غير العادي لها. ويجب معرفة حجمها الحقيقي، فبالرغم من دعواتها المتكررة لحشد الجماهير لم يلب تلك الدعوات أكثر من 2000 فرد. فغالبية الشعب لا تحب تلك الجماعات وتتطلع إلى الحياة في مجتمع مستقر ومزدهر. فعلى السلطة إذا أرادت بناء مجتمع مشرق ومزدهر أن تختار القيادات الصالحة المخلصة التي تهتم بالعلم والتنمية ومحاربة الفساد والاهتمام بمستقبل الأجيال القادمة.
د. عبدالمحسن حمادة