الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
ملاحظات على إدارة الحكومة للأزمة | رجوع
ملاحظات على إدارة الحكومة للأزمة
كتب عبدالمحسن حمادة :

لم تنعقد جلستا مجلس الأمة الأولى والثانية اللتان دعا إليهما رئيس المجلس لإعادة افتتاح الفصل التشريعي الثالث عشر بسبب عدم اكتمال النصاب، وأعلن الرئيس أنه لن يدعو إلى جلسة أخرى، بل سيرفع الأمر للقيادة السياسية لاتخاذ ما تراه مناسبا، بسبب عدم تعاون الأعضاء مع الحكومة لتمكينها من أداء القسم الدستوري أمام المجلس.
ومن يعرف الأسباب التي جعلت غالبية أعضاء مجلس 2009 يمتنعون عن حضور الجلسة التي دعا إليها الرئيس، قد يعذرهم، إنهم يعتقدون أن كرامتهم لا تسمح لهم أن يتحولوا إلى «ممشة زفر» في أيدي حكومة لا تحترمهم. وقد حذرهم الدكتور أحمد الخطيب، السياسي المخضرم واللامع، من المطب الذي تحضّره لهم هذه الحكومة. إن الحكومة التي تخاف ممن يطيل لسانه عليها ويهددها بالنزول إلى الشارع وإثارة الفتن، وتعقد معهم الاجتماعات وتستمع إلى مطالبهم، وقد تنفذ رغباتهم، بينما تتعامل مع الفريق الذي يريد التعاون بطريقة فيها نوع من التعالي أو التهميش، ولا تدعوهم لاجتماعات لتنسق معهم، حكومة بهذه المواصفات لن تستطيع إدارة أزمة بهذا الحجم بصورة سليمة.
لمثل هذه الأسباب امتنعت غالبية مجلس 2009 عن حضور الجلسة التي دعا إليها رئيس المجلس، ووضعوا شروطهم التي تحفظ كرامتهم، من أهمها يجب النظر إليهم على أساس أنهم أعضاء في مجلس منتخب من الشعب الكويتي في انتخابات عادلة ونزيهة. ويجب أن يمارسوا دورهم الرقابي والتشريعي، لا أن يتحولوا إلى مجرد ديكور لتمكين الحكومة من أداء القسم، ثم يقال لهم «مع السلامة». إذا رضوا القيام بهذا الدور المخجل، الذي يقلل من كرامتهم ومنزلتهم حسب وجهة نظرهم، فقد يجعل البعض يصدق التهم التي توجه إليهم وتصفهم بأنهم مجلس قبّيضة ومجلس مرتشٍ.
هذه تهم خطيرة، يجب أن تصدر من قضاء عادل بعد محاكمة عادلة، لا من أشخاص سياسيين هدفهم النيل من خصومهم وتشويه سمعتهم بلا أدلة ولا براهين، من عنده أدلة فليذهب بها إلى القضاء ليقول كلمته. أما من يستسهل ويستعذب اتهام الآخرين بلا أدلة، فهو شاهد زور لا تُقبل شهادته، بل إنه يرتكب جريمة فاحشة ضد المجتمع بشتمه للآخرين.
نتمنى أن نضع حدا لهذه الظاهرة السيئة التي بدأت تتفشى في الدولة، وأن يكون للقضاء دور حاسم في التصدي لها، فلا يوجد مجتمع محترم يسمح بهذا العبث.
ونتمنى من رئيس المجلس أن يرفع الأمر لصاحب السمو، بأبعاده وجوانبه المختلفة والمعقدة، وإننا على يقين أن صاحب السمو بحكمته المعهودة وحبه للشعب والوطن، قادر بعون الله على معالجة الأزمة بصورة ستفضي إلى استقرار الدولة، وتحقق لها التقدم والنهضة. وفي هذا الصدد نعتقد أن الدولة بحاجة ماسة لإطالة عمر جلسات مجلس 2009، خاصة بعد أن ارتأت الحكومة ضرورة إحالة نظام الدوائر الانتخابي الحالي إلى المحكمة الدستورية لدراسة الشبهات التي يثيرها الخبراء الدستوريون حول ذلك القانون. وستضطر الحكومة أن تنتظر رد المحكمة الدستورية لحسم هذا الموضوع دستوريا قبل إجراء الانتخابات المقبلة منعا للوقوع في الخطأ مرة أخرى. وقد يتطلب هذا الانتظار أكثر من 6 شهور. لذا نحن بحاجة إلى وجود المجلس لكي لا نعيش في فراغ تشريعي ودستوري، فلابد من التعاون والتفاهم مع أعضاء مجلس 2009 لعقد الجلسات.
أما من يهدد بالنزول للشارع وإثارة الفتن والصراع، فهو يتشكك بنزاهة القضاء الكويتي وعدالته، ويحتقر آراء الخبراء الدستوريين الذين أثاروا الشبهات حول ذلك القانون ولا يستمع إلى رأي القبائل والجماعات التي أعلنت تضررها من ذلك القانون، فهو أناني لا يهتم إلا بمصالحه ومكاسبه الخاصة، ويريد أن يعبث بأمن الدولة واستقرارها، فمن الخطورة أن تفرض مثل هذه المجموعة إرادتها على الدولة.
د. عبد المحسن حمادة
D_hamadah@hotmail.com



8/13/2012
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com