الرئيسية   |   اتصل بنا 
 
 
 
 
 
 
استقلال القضاء وهيبة الدولة | رجوع
11/03/2012
استقلال القضاء وهيبة الدولة
كتب عبدالمحسن حمادة :
«يَا أَيُّهَا الَّذ.ينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّام.ينَ ب.الْق.سْط. شُهَدَاءَ ل.لَّه. وَلَوْ عَلَى أَنْفُس.كُمْ أَو. الْوَال.دَيْن. وَالْأَقْرَب.ينَ إ.نْ يَكُنْ غَن.يًّا أَوْ فَق.يراً فَاللَّهُ أَوْلَى ب.ه.مَا فَلَا تَتَّب.عُوا الْهَوَى أَنْ تَعْد.لُوا وَإ.نْ تَلْوُوا أَوْ تُعْر.ضُوا فَإ.نَّ اللَّهَ كَانَ ب.مَا تَعْمَلُونَ خَب.يراً» النساء 135.
يأمر الله المؤمنين أن يبالغوا في إقامة العدل المطلق في مجتمعاتهم من دون محاباة أقارب أو أصدقاء، ولا غني طمعاً في ثروته أو خوفاً من سط وته، ولا فقير إشفاقاً وعطفاً عليه. فيجب الابتعاد عن الأهواء وتحري الحق.
ومن أسباب نزول الآية أن رجلين اختصما إلى النبي، أحدهما فقير والآخر غني، فمال الرسول إلى الفقير لاعتقاده أن الفقير لا يظلم الغني، وأراد الله أن يقوم العدل في الفقير والغني على حد سواء. وحرص الخلفاء الراشدون على تحقيق العدالة، فيقول الصديق بعد توليه الخلافة «القوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه، والضعيف فيكم قوي حتى آخذ الحق له». فأراد إقامة المجتمع القوي العادل الذي لا يستطيع القوي أن يحتمي بقوة قبيلته أو ماله من تطبيق العقوبة إذا أخطأ، الجميع متساوون أمام القانون. وهذا ما طبقه عمر عندما اشتكى القبطي إليه ابن والي مصر، فأعطى القبطي السوط ليضرب ابن الأكرمين، وقال لعمرو بن العاص «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً»؟
ولأهمية العدل جعله الله صفة من صفاته، وجعل تحقيقه من أهم وظيفة الأنبياء والرسل. وحب الإنسان الإقامة في مجتمعات عادلة كان قائماً منذ أقدم العصور. يروى أن كونفشيوس 500 ق. م أثناء تدريسه لطلابه في الحقل مر على امر أة تبكي زوجها الذي افترسه النمر فجلس يواسيها، فعرف أن والدها وجد ميتاً للسبب نفسه، فسألها: لماذا لا تذهبين إلى مكان أكثر أمناً؟ فأجابت: إن حكومة هذه المنطقة عادلة. فقال لطلابه إن الناس يخافون الحكومة الظالمة أكثر من النمر. فتوافر العدل يساهم في مضاعفة انتماء الإنسان لوطنه وشعوره بالأمن على نفسه وعرضه وماله، فيتضاعف إنتاجه وإبداعه، فيساهم هذا كله في استقرار المجتمع وازدهاره وبنائه، حاضراً ومستقبلاً.
ولتحقيق العدالة يجب احترام استقلال القضاء وعدم التدخل في شؤونه، خصوصاً من أعضاء مجلس الأمة، فالدستور ينص على الفصل بين السلطات. فيجب الالتزام بهذا المبدأ لضمان استقرار الدولة وتقدمها. ولقد أدى تدخل المجلس في عمل السلطة التنفذية، والصراع الطويل بين المجلس والحكومة، إلى تعطيل التنمية وتأخر الدولة. والآن، برزت بوادر من المجلس للتدخل في أعمال القضاء. صحيح أن الفصل بين السلطات لا يمنع من وجود تعاون ورقابة بين السلطات، ولكن هذا التعاون والرقابة يجب ألا يصلا إلى حد التدخل أو التداخل بين السلطات، وعلى المجلس أن يكون حصناً لدعم استقلال القضاء، لا أن يعمل على إهدار ذلك الاستقلال. فمهمة المجلس سن القوانين والرقابة، ولكنه لا يختص بإدارة العدالة وإصدار الأحكام.
نقول هذا بعد أن سمعنا أن نواب الأغلبية فوضوا السيد خالد السلطان نائب الرئيس لسحب البلاغ المقدم من المجلس السابق لقضية اقتحام مجلس الأمة. وهناك من يتظاهر احتجاجاً على أحكام قضائية، أو لإظهار القوة للتأثير على القضاء وإجباره ليصدر أحكاماً وفق أهوائهم. إن القضية إذا وصلت عند القضاء، فلا يجوز التأثير على حكم القضاء.



3/10/2012
 
 
 
 
الموقع الرسمي لـعبدالمحسن حماده © 2011
تصميم و برمجة
q8portals.com