يقول المثل «رُب ضارة نافعة» ويقول آخر «الضربة اللي ما تموّت تقوّي» يصح تطبيق هذين المثلين على الإنسان والدولة. من المستحيل ألا يقع الإنسان أو الدولة في أخطاء، فالوقوع في الخطأ أمر طبيعي ومتوقع لكل من الفرد والدولة. فمن يعمل متوقع أن يقع في الخطأ. ولكن الإنسان العاقل هو الذي يتعلم من أخطائه ويأخذ منها العبر والدروس كي لا يقع في الخطأ مرة أخرى، وكذلك المجتمع الناجح هو الذي يستفيد من تجاربه لبناء مستقبل أفضل، لذا نتمنى أن نكون شعبا واعيا قادرا على الاستفادة من الأزمة التي مررنا بها.. تمثلت تلك الأزمة في الانقسام الحاد في الساحة السياسية والانقسام داخل المجلس، حيث بدأ الأعضاء يعادي بعضهم بعضا ويتبادلون التهم والشتائم. ويفضل معظمهم المصالح الخاصة على المصلحة العامة، علاوة على الصراع المستمر بين بعض أعضاء المجلس والحكومة والتخاطب بأصوات عالية والتلفظ بألفاظ نابية..
في مثل هذه الأجواء يستحيل تحقيق تقدم أو تنمية، فمشاريع التنمية ستظل معطلة. ولن تستطيع الدولة الاستفادة من نتائج الدراسات التي أجراها خبراء كلفتهم الدولة بإجراء تلك الدراسات لمعالجة مشاكلها. ستوضع تلك الدراسات على الرف أو داخل الأدراج وستظل مشاكلنا عالقة. ثم يلوم بعضنا بعضا، ونتساءل، لماذا تتقدم دول الخليج ونتأخر؟ مشاكلنا أصبحت معروفة، وكذلك معالجة تلك المشكلات. نواجه صعوبة في اتخاذ القرار الصائب المتفق مع نتائج الدراسات العلمية. نوجّه اللوم لكل من الحكومة والمجلس، كلاهما مسؤول عن تردي اتخاذ القرارات المناسبة لظروف الدولة. كم من مشروع جيد عارضه المجلس واستبدله بسيئ ضار بالدولة ومستقبل الأجيال القادمة لتحقيق مكاسب شعبية. فالشعب بدوره مسؤول عن اتخاذ القرارات غير السليمة، لأنه يحض الأعضاء على اتخاذ القرارات السيئة لتحقيق بعض مصالحه الآنية، ولكنها مضرة بمستقبل الدولة ومستقبل الأجيال القادمة. والشعب مسؤول لعدم قدرته على إنشاء تكتلات سياسية وطنية تهتم بشؤون الدولة السياسية والتنموية والعلمية، بدلا من التجمعات الأيديولوجية التي تثير المشاكل ولا تقدم الحلول.
وفي ضوء هذا التصور نرى أن اتخاذ القرارات في المجتمع الديموقراطي أمر غاية في الصعوبة والتعقيد. حيث يشارك الشعب والحكومة والمجلس في صناعته. ولكي نختار القرارات الصعبة المناسبة للدولة يجب أن يكون لدينا شعب واع يهتم بمصالح الدولة قبل مصالحه. أما إذا كان الشعب ليس لديه الوعي الكافي ويهتم بمصالحه قبل مصالح الدولة، فسيأتي بمجلس نسخة مكررة من المجلس السابق بالتفكير والسلوك نفسيهما. ستتعطل مشاريع التنمية، ستتقدم الدول المجاورة ونتأخر. سنوات ونحن نحلم بتحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي، يشجع المستثمر الأجنبي ليستثمر أمواله في الكويت. بينما يثبت الواقع أن رجال أعمال كويتيين بدأوا يهاجرون بمشاريعهم ورؤوس أموالهم إلى المنطقة الشرقية في المملكة والإمارات لحصولهم على تشجيعات وتسهيلات أوسع، بينما تعشش البيروقراطية في الكويت. بعد سنوات من التفكير عجزنا عن تنفيذ قرار تحويل الخطوط الكويتية إلى قطاع خاص، والسعودية اتخذت قرارا بتحويل الخطوط السعودية إلى قطاع خاص خلال عام. نحن نعيش في محنة يجب أن نخرج منها قبل تدمير الدولة.